الادراك بين سرعة البديهة وبلادة التفكير
ان التفكير هو اغلى ما لدى الانسان ، وهوا لذي يميزه ، بل هو اغلى ما في الحياة لان عليه تتوقف حياة الانسان وكيفية سيره فيها ، فلا بد من الحرص عليه وعلى طريقته حتى يبقى الانسان ضمن دائرة انسانيته ولا ينحدر الى مصافِ البهائم ان هو الغى عقله وتفكيره وطريقته ، والتفكير ثلاثه انواع سطحي وعميق ومستنير وكل واحد بحد ذاته ادراك ويترتب عليه حكم على واقع ، ولكن هناك فرق بين الاول والثاني وبين الثالث ، فالادراك في الأول والثاني بقيا ضمن دائرة الواقع واطاره ، وأما الثالث فإنه ادراك قد ربط الواقع بما حوله وبما يتعلق به فكانت الاستنارة في التفكير ، وهذه الاستنارة لم تأت من نفس الواقع وانما أتت من ادراك امر آخر تعلق به هذا الواقع فحصلت الاستنارة.
ان واقع الادراك هو البلوغ فقولنا ادرك الرجل الامر يعني بلغه ، فالمسافه بين نقل الاحساس بالواقع وبين بلوغ الامر يعني الادراك هي التي نريد ان نقف عندها وهي عملية الادراك التي يترتب عليها اصدار الحكم ، فإذا وجد الادراك وجد الحكم لانه هو الذي يهيئ للحكم على هذا الواقع ، وليسَ الادراك حكماً مطلقاً ، فكان لا بد من التفريق بين ادراك الواقع والحكم عليه وهذا الادراك مجرد ادراك حصل ، وحصوله لا يقتضي اي عمل ولا اي رد فعل ، فإذا حصل الحكم حصل العمل ، فكان الاصل والنتيجة هو الحكم وليس الادراك ، فالادراك هو مجرد عملية عقلية تهيئ للحكم ومثالها ان عمر بن الخطاب والرجل الذي كان معه سمعا من المرأة نفس الكلام ولكنهما اختلفا في ادراك هذا الكلام .... فالرجل ادرك ان المرأة تتكلم عن زوجها وأدرك انها تخاطب امير المؤمنين فحصلت عنده العملية العقلية في ادراك انها شكوى .... فحكم عليها بأنها تشكو زوجها ... فكان حكمه نتيجة هذا الادراك الذي هو مجرد عملية عقلية.
وأما الطريقة التي يتم بها الوصول الى الادراك من حيث هو ادراك الوصول الى معرفة حقيقة الشيء او الامر الذي يبحث عنه فهي نقل الحس بالواقع بواسطة الحواس الى الدماغ مع وجود معلوماتٍ سابقة يفسر بواسطتها الواقع ، ومن ثم يصدر الدماغ حكمه عليه بناءً على هذا الادراك وهذا الحكم هو الفكر او الادراك العقلي ، فلا بد لمن اراد الوصول والبلوغ ان يأخذ بأسباب وشروط هذا البلوغ وادواته التي توصل اليه ، فالجبل المراد بلوغ قمته لا بد من الاستعداد لهذا البلوغ من البسة وحبال ومناخ وعزيمة ونحو ذلك ، وكذلك اي امر يراد ادراكه لابد له من الالة والاداة والمعلومة والواقع وما يتعلق بهذا الواقع حتى يحصل هذا الادراك .
ان من شروط صحة الادراك صحة المعلومات السابقة التي يُفسر بواسطتها الواقع وعدم وجود الرأي السابق لانه اذا استعمل فإنه يسبب الخطأ في الادراك فالذين قالوا ( قالوا انا وجدنا آباءنا على امة وانا على أثارهم مقتدون ) كان هذا حكمهم بناءً على ادراك دخل في معلوماته السابقة رأي فأنتج الخطأ في الادراك
ان الوقت بين نقل الاحساس بالواقع الى الدماغ وبين حصول الادراك تختلف من شخص لأخر فمن تميز بسرعة اصدار الحكم تمير بسرعة الادراك وقلنا عنه بأنه سريع البديهة ، فكانت سرعة البديهة هي : الادراك السريع للقصد سواء للقول أو للفعل أو لرد الفعل على فعل او على شيء ومثاله ان ابا العلاء المعري انشد بيت شعر يقول فيه :
اني وان كنت الاخير زمانه لآتٍ بما لم تستطعه الاوائل
فسمعه غلام يعلب مع اقرانه فالتفت اليه مباشرة وقال ان الاولين قد جاءوا بثمانية وعشرين حرفاً فات بالحرف التاسع والعشرين ، فصمت ابو العلاء المعري .... ثم قال له تقتلك فطنتك يا فتى .
فالفتى قد ادرك سريعاً القصد فأجاب،وابو العلاء لم يستطع ان يجيب الفتى بنفس سرعته فاختلف الوقت .
فالادراك له وقت ينفع صاحبه والسرعة في هذا الادراك مطلوبة ليترتب عليها الحكم في ابراء الذمة ابتداءً بالتسليم والايمان فقد روى الديلمي عن ابن مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ( ما عرضت الاسلام على احدٍ إلا كانت له كبوة الا ابو بكر فإنه لم يتلعثم في قوله ) بعكس غيره من مشركي قريش فقد حصل عندهم الادراك بانه صادق ونبي من عند الله ولكن لم يترتب على هذا الادراك ابراء للذمة بالحكم على الواقع وبقي الادراك ادراكاً لا يغني عن صاحبة شيئاً فالوليد بن المغيرةِ وعتبة بن ربيعة وابو جهل الذي قال ( والله اني لا علم ان ما يقول حق ، ولكن يمنعني شيء ، ان بني قصي قالوا : فينا الحجابة ، فقلنا نعم، ثم قالوا فينا السقاية ، فقلنا نعم ، ثم قالوا فينا الندوة فقلنا نعم ، ثم قالوا فينا اللواء فقلنا نعم ، ثم اطعموا وأطعمنا حتى تحاكت الركب فقالوا منا نبي والله لا افعل ) وكذلك فرعون فانه قد ادرك ولكن ادراكه كان متأخراً حين قال ( آمنت بالذي آمنت به بنو اسرائيل وأنا من المسلمين ) فكان الجواب ( آلان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ) .
هذا بالنسبة للعقيدة فإنه ادراك يتبعه اقرار وتسليم ، وصدق الله العظيم{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ }الأنعام33 وأما بالنسبة للأحكام الشرعية فإنه ادراك مرتبط بمفهوم منبثق عن عقيدةٍ جازمة بأن هذا حكم الله ويترتب عليه ثواب وعقاب ولا تفضيل بين الاحكام على اعتبار ان الحاكم واحد ( ان الحكم الا الله ) وأن يأخذ هذه الاحكام بالتسليم وصدق الله العظيم {وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} وأن لا يتلون كل يوم بلون تبعاً لمصلحةٍ طرات ، واما ان تعلق بطبيعة الخطاب من حيث كونه قطعي فلا كلام فيه ولا محل لادراك او اعمال عقل فلا اجتهاد في مواقع النص ، واما الظني فإن فيه اعمال عقل وادراك واجتهاد وغلبة ظن في قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( ألا سألوا اذا لم يعلموا فإنما شفاء العَيّ السؤال )
وهنا يبرز التفاوت بين الناس في الادراك بمعنى ان هناك من يدرك خطاب الشارع فيصدر حكمه ويلتزم ، وهناك من لا يدرك خطاب الشارع فلا بد له من السؤال .
ان مواطن التفاوت بين الناس في الادراك تكمن في عدة امور منها :-
1 – فهم الواقع الذي يطلب الحكم عليه كتسليم الضفة الغربية ، وان الانتخابات هي مقدمة للاعتراف بإسرائيل وتصفية القضية وأن يحقق هذا المناط ضمن دائرة خاصة وزاوية خاصةٍ بغض النظر عن الأراء المسبقة والاهواء .
2 – فهم النص الشرعي والتفاوت بين الناس في هذا الامر كالذي فهم من قوله تعالى {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }المائدة93 ،انه اباحة له بشرب الخمر بوصفه قد شهد كل المشاهد مع الرسول وأن له سجل نضالي بيبح له ما لا يبيح لغيره ، او في قوله تعالى عندما نزلت{إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ }النصر1 فإن بعض الصحابة فهموا انها نعي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم
3 – تفاوت الناس في الربط بين الدليل وانزاله على الواقع او في تطابقها وعدمه او في عملية الاستدلال نفسها فهل كان الاستدلال في موضعه او في غير موضعه ، وهنا تحصل المغالطات في اجتزاء النصوص حتى توافق الهوى ، او الاتيان بالنص والاستدلال فيه في غير موضعه مثل قوله تعالى {لآوَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}البقرة 195 .
وللخروج من كل هذا الامور والتي تبدوا معقدة ويتفاوت الناس في ادراكها فإن الشرع قد وضع لها حلاً وهي وجوب السؤال ووجوب التقليد في حق من لا يستطيع ادراك الخطاب والتوصل للحقيقة وتفصيل ذلك :
1 – ان كان الامر متعلقا بإعطاء الحكم فالامر يحتاج الى الخبير بذلك الامر والواقع ولا يحتاج الى الفقيه ، فلا يجوز الخلط ما بين عمل الخبير والفقيه ، فعالم الكيمياء هو الذي يقول ان الكلونيا هي خمر والحزب السياسي هو الذي يقول ان المنظمة جاءت لتصفية القصية الفلسطينية لانه هو المدرك لما لم يدركه الناس .
2 – أن الذي لم يتحصل عنده العلم والادوات اللازمة للادراك حين يريد تقليد غيره لابد له ان يبذل الجهد الكافي المبرأ لذمته حتى يدرك انه واجب عليه ان يسأل بناءً على ثقةٍ وعلم وليس بناءً على هوى ويكتفي بأن يقول سألت الشيخ سواء في المسألة الخاصة أو في المسألة العامة فلابد من التحرى واعمال العقل في البحث عمن يريد سؤاله وأن يعلم متى ومن يسأل فلا يُسأل امام الجامع عن الكلونيا فان حكمه عليها بأن ريحها طيب .
3 – ان يدرك المسؤول عن المسألة ان هذه المسألة مسؤول عنها يوم القيامة امام الله ، وأن قوله لا اعلم ليس فيه انقاص من قدره بل هو ابراء لذمته فلا يتصدر هذا الامر إلامن كان اهلاً له ، فلابد للمسؤول ان يدرك الحدث ومتعلقاته ، فالذي افتى عن رد العدوان عن السعودية لم يدرك حقيقة وجود القوات الامريكية في الجزيرة العربية وأهدافها فلا هو اهل لفتوى أو لسؤال ، او كالذي حرم المظاهرات يوماً واحلها يوماً .
4 - ان يدرك السائل الفرق بين وجود العلم وبين وجود الورع والتقوى عند المسؤول حتى لا يختلط الامر ما بين علماء السلاطين وبين الدعاة الى الله ، فالذي قال بوجوب الاستعانه بأمريكا قد ادرك ان جوابه خدمة لاسياده ، فلا يسأل ابليس بناء عن علمه فقط .
5 – لا بد من ادراك حكم الله قبل الفعل فالعلم والادراك يلزم قبل الفعل ولا يلزم بعد الخراب فلا يسأل عن الاضراب الناتج عن عدم صرف الرواتب مثلاً احلال هو ام حرام لانه يمس لقمة العيش ولم يكترث بقضية الامة وقت الانتخابات ، فحين سأل اهل العراق عبد الله بن عباس عن دم البعوض انجس هو قال ( يسألونني عن دم البعوض ودم الحسين في ايديهم ) قالها متعجبا .
ان عملية ترميم الخراب الفكري الناشئ عن الادراك المتأخر اصعب بكثير من الانشاء الجديد بناءً على الادراك في وقته ، فالذي تعانيه الامة اليوم وتعيشه من ظاهرة الاسئلة والفتاوى انما هو لترميم فساد حصل نتيجة للادراك المتأخر ، فلا ينفع الامة ادراكها المتاخر في شيء .... فبعد ثلاثين عاماً قال الملك انه قد جلس مع اليهود اكثر من الف ساعة فهل يعيد هذا الادراك المتأخر الضفة الغربية ، لقد كان ينفعها حين قيل لها ان الملك سوف يسلم الضفة الغربية ، ولا ينفع ادراك الامة اليوم ان منظمة التحرير قد وجدت لتصفية القضية الفلسطينية ..... فلقد صفيت القضية ، فلقد كان ينفعها ادراكها حين قيل لها ان المنظمة قد جاءت لتصفية القضية .... ولم ينفع الامة ادراكها المتأخر حين هدم الكافر دولة الخلافة .. وأدركت اليوم انها حياتها ، مع ان شوقي قد ادرك يومها عظم مصيبة المسلمين وقال :-
عادت أغاني العرسِ رَجْعَ نُواحِ | ونُعيــتِ بين معالم الأَفراحِ |
ضجَّـتْ عليكِ مآذنٌ ، ومنابرٌ | وبكت عليك ممالكٌ ، ونواح |
الهندُ والهــةٌ ، ومصرُ حزينةٌ | تبكي عليـك بمدمعٍ سَحّاحِ |
لا تَبذلوا بُرَدَ النبــي لِعاجزٍ | عُزُلٍ ، يـدافَعُ دونَه بـالراح |
بالأمس أَوهى المسلمين جراحةً | واليوم مـدّ لهم يَدَ الجرّاح |
فلتَسمَعُنّ بكل أرضٍ داعـياً | يدعو إلى ( الكذّابِ ) أو لسَجاح |
ولتشهدُنّ بـكل أَرض فِتنةً | فيها يباعُ الدِّين بيعَ سَـــماح |
يُفتَى على ذهبِ المُعزِّ وسيفِه | وهوى النفوس ، وحِقْدِها المِلْحاح |
ان الاشراق الفكري الذي حصل عند الحلقة الاولى وما نتج عنه من سرعة بديهة يل وسرعة في فهم القصد من العمل لاستئناف الحياة الاسلامية بترسم خطى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وصفاء الفكرة ووضوح الطريقة هو الذي جعل الناس يلتفون حول هذا الحزب في سنين قليلة رقم ضراوة الحرب عليه تارة بالتشهير وتارة بالسجن وتارة بالتعتيم وتارة بالقتل ورغم كل ذلك لم يحد قيد انملة عن طريقه بل زاد ارتقاءً وعراقة .
ان موقف العداء الدائم من قبل الكافر تجاه المسلمين قد أتخذ بناءً على ادراك انتج فكراً مستنيراً عندهم فكان هو الاساس الذي حدد هذه العلاقة تجاه المسلمين ويجب، ايضاً على المسلمين ان يكون الفكر المستنير هو المحدد لعلاقتنا معهم بناءً على مفاهيمنا كملسمين في قوله الحق{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }الممتحنة1 فلا يجوز ان نقابل موقفهم العدائية بالحب وسعة الصدر وحسن النوايا .
فلا يجوز للامة ان تترك السفهاء من مغتصبي السلطة ان يقابلوا مذابح الكفار بالمسلمين بمادرة الملك عبد الله ولا بعدوان اليهود تجاه لبنان بالتواطئ معهم ولا بمجازر غزة بالضغط على المسلمين في فلسطين ولجم الامة الاسلامية بالتضليل الممنهج والفتاوى المسيسة بحجة دقة الوضع وخطورة المرحلة وضرورة التريث والتبرعات وهذا ما ادركه الحزب مبكراً ولم يكتف بالادراك فقط بل انتج هذا الادراك فكراً مستنيراً بني على قاعدةٍ فكرية يلتزم طريقاً حتى تحمل الامةُ ما يحمل وتدرك الامة ادراكاً فكرياً كما ادرك ، بالصراع الفكري والكفاح السياسي وتبني مصالح الامة وكشف خطط الاستعمار وضائعة من ابناء المسلمين .
لا نريد ان ندخل ضمن اطار ( لو ) ولكن ما حال الامة لو ادركت عظم الاثم حيث الغيت الخلافة وبذلت نصف الجهد الذي بذله المآمرونَ عليها في دعمهم لعدوها ، او كيف يكون حال الامة لو ادركت واستجابت لدعوة الحزب حين دعا لاستئناف الحياة الاسلامية ، او لو ادركت واستجابت حين اخبر الامة بمخططات الكافر لتسليم الضفةِ الغربية ، او حين اخبرها عن المنظمة وغيرها .... وغيرها وما زال دون كلل او فتور .
قطعاً لن يكون حالها كما هو ، فقد دفعت الامة من ابناءها ملايين الملايين من القتلى واليتامى والمشردين واللاجئين والنازحين والهاربين والجائعين والمحرومين ، بل وأمست نهباً لكل ناهب وملعباً لكل لاعب وأعشاشاً للبغاث المستنسرين من المضيوعين والمطبعين ورافعي الايدي بالرايات البيضاء للكافر ليفعل بهم ما يريد .
وضمن هذه المعطيات وهذا الواقع يبرز عظم المسؤولية وعظم الثواب عظم المسؤولية الملقاة على الحزب وشبابه في ادراكه لواقع الامة ومسؤوليتهم في افهامها وتحميلها ما يحملون .
فالحزب في كل بيان يصدره يضيف الى الامة دليلاً جديداً على بعد نظره وادراكه الصحيح للامور وللاحداث وما يحاك ضد الامة من مؤامرات .... حتى اصبح صاحب القدح المعلى في وضوح رؤيته السياسية في كل امرٍ لشمولية طروحاته بعدم اجتزاء احكام شرعية واظهارها وعدم اظهار احكام اخرى وأنه حاملٌ للواء كاملاً وظاهراً وينادى به علانية دون تورية او تلاعب بالالفاظ ، وأنه المقدم عند الامة في فهمه للواقع وفهمه للنصوص وانزالها على هذا الواقع المتجدد ، كل ذلك ابتغاء نيل رضوان الله تعالى لادراكه وجوب وجود الاحزاب السياسية التي تعيد للامة رفعتها وعزتها فقط وليس مقابل مناصب ينظروها او مرتبات .
وصدق الله العظيم {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ{41} تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ{42} لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ{43} فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{44} غافر 40 -44
حديث رمضان 8 لعام 2010
جواد عبد المحسن
0 تعليقات