مفهوم العبث
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ }المؤمنون115
1- العبث هو اللعبُ بما لا يعنيه وليس في باله ، وهو الفعل الذي لا غاية له ، ولا فائدةَ منه كأن تقول فيم تعبث ..؟؟ لمن يفعل فعلاً لا جدوى منه ، ويقابله الجد وهو ان تفعل الفعل لغايةٍ مرسومة وبينهما اللعب واللهو .
اما اللعبُ فهو ان تعمل عملاً في واقعه لا غايةَ له الآن وانما هو عملية تدريب على حركةٍ او شغلٌ للملكات وتنشيط لها كألعاب الاطفال تعطى لهم واللعب لا يشغل عن مطلوب بعكس اللهو فانه في واقعه كاللعب ويختلف عنه بأنه يشغل عن مطلوب وقد روى احمد والنسائي والشافعي عن صالح بن دينار عن عمرو ابن الشريد قال سمعت الشريد يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ( من قتل عصفوراً عبثاً عجَّ الى الله عز وجل يوم القيامةِ يقول يارب ان فلاناً قتلني عبثاً ولم يقتلني لمنفعة ) .
فاللحب ، كل عمل لا يجدي نفعاً ، والتلعابة كثير المزح والمداعبة وفي الحديث ( لا يأخدنّ احدكم متاع اخيه لاعباً جاداُ ) اي يأخذه ولا يريد سرقته ولكن يريد ادخال الهم والغيظ عليه فهو لاعب في السرقة جاد في الاذية.
وأما اللعب الذي هو تدريب وتحفيز للملكه فهو ما رواه عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت ( لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً على باب حجرتي والحبشه يلعبون في المسجد ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسترني بروائه انظر الى لعبهم ) .
وقد وضح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين ما هو مطلوب وبين ما هو مذموم حتى لا نختلط اللهو باللعب فقد روى النسائي والطبراني في الكبير والبيهقي عن عقبة بن عامر ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ( كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو او سهو ، إلا اربع خصال : مشي الرجل بين الغرضين ( للرمي ) وتأويبه فرسه وملاعبته اهله ، وتعليمه السباحه ) والغرض هو العلامة التي توضع حتى اذا رمى الرامي اصابها وهي الهدف .
قلنا ان اللهو من اللعب ويضاف اليه انه يشغل عن مطلوب ، وتقول العرب لهوت بالشيء الهوبه اذا لعبت به وتشاغلت وغفلت به عن غيره في قول الحق{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً}الجمعة 11 ، فكان كل ما تُلهّيَ به لهواً او كل ما يشغل عن مطلوب لهواً .
وفي قوله تعالى{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}لقمان 6 ، ولهو الحديث كل كلام يلهي القلب ويأكل الوقت ولا يثمر خيراً ولا يؤتي حصيلة تليق بغاية الانسان المستخلف في هذه الارض لعمارتها بالخير والعدل والصلاح ، والنص عام لتصوير نموذج من الناس موجود في كل زمان ومكان ،وان كانت بعض الروايات تشير لحادث معين في الجماعة الاسلامية الاولى اذ ان هذه الروايات تشير الى ان النصر بن الحارث كان يشتري الكتب المحتوية لاساطير الفرس وقصص ابطالهم وحروبهم ثم يجلس في طريق الذاهبين لسماع القرآن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محاولاً ان يجذبهم الى سماع تلك الاساطير والاستغناء بها عن قصص القرآن الكريم ، ولكن النص اعمّ من هذا الحادث الخاص ولو صح انه وارد فيه ، اذ انه يصور فريقا من الناس واضح السمات قائماً في كل حين وقد كان قائماً على عهد الدعوةِ الاولى في الوسط المكي الذي نزلت فيه هذه الايه {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} لقمان 6 ، يشتريه بما له ويشتريه بوقته بل ويشتريه بحياته ، يبذل تلك الاثمان الغالية في لهو رخيص يفني فيه عمره المحدود الذي لا يعود ، يشتري هذا اللهو {لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } تحت شعارات براقة تخزب اليها كل مخدوع ومضلل ، واكثر ما يظهر هذا الامر في هذا الزمان هو كثرة الافلام والمسلسلات وما يفرد لها من فضائيات خاصة تعنى بهذا الامر عناية كظهر في ترديد عبارة ( مش رح تقدر تغمض عنيك ) فهذه للأغاني وهذه لغيرها ولغيرها وهكذا .
ان الله جلت قدرته قد خلق الخلق لغاية مرسومة يؤدونها ووضع المنهج الذي يحدد ضوابط هذه الغاية ولم يخلق الخلق عبثا ، فالصانع الذي يصنع قلماً او سيارةً او غير ذلك قد حدد لهذا المصنوع مهمة ولم يصنعه ثم طلب منا ان نحدد نحن له المهمة ، فالذي يحدد الغاية هو الصانع المبدع للشيء ، وهو ايضاً الذي يحدد صلاح الصنعةِ لغايتها ، ويحدد قانون صيانتها لتؤدي مهمتها على اكمل وجه ، فالله سبحانه وتعالى هو الصانع وهو الذي يحدد مهمة الصنعة ووضع لنا منهج الحياة وقانونَ الصيانة حتى لا ننحرف بإفعل كذا ولا تفعل كذا.
ان الفساد يأتي حين يريد المخلوق ان يتجاوز حدوده بالتحدي ليأخذ حق الصانع في تحديد الغاية وتحديد المنهج وقانونِ الصيانة{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الملك14
ان المتأمل ليرى ان الله عز وجل حين وهبنا مقومات الحياة وسخر لنا ما في الارض وهذه القوانين وطلب منا ان نتدبر في هذا الخلق في قوله تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ }آل عمران190 ، حتى ندرك انه لا يمكن ان يكون عبثا ، وأن ننظر الى جزئية معينة في هذه الحياة ونترك الباقي او لا ننشغل بالغاية الاساسية التي خلقنا الله لبلوغها .
اننا حين نعتني بالطفل ونعلمه وننفق عليه ونزوجه وتصبح له اسرة ووظيفة ومنزلة عند الناس فهذه الامور كلها غاية .... لكن بعد ذلك ينتهي الامر بالموت ، فكان لا بد من السعي للغاية الاعظم .... غاية لا يدركها الفناء وليس لها بعد ، انها لقاء الله وملاقاة الجزاء اما جنة واما نار ، فأولوا الألباب هم الذين يأخذون مسائل الحياة بكل جزئياتها ضمن اطار هذه الحقيقة اننا لم نخلق عبثا بل لغاية ومهمة حددها الله ولها اسباب توصل اليها .
2- {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56
ان اول وأهم جانب من جوانب هذه الحقيقة ان هناك غاية معينة لوجود الجن والانس ، تتمثل في امر العبادة فمن قام بها وأدّاها فقد حقق غاية وجوده ومن قصَّر فيها او نكل عنها فقد ابطل غاية وجوده واصبح بلا وظيفة ، وباتت حياته فارغة من القصر خاوية من معناها الذي تستمد منه قيمتها بل وينتهي امره الي الضياع .
ان الوظيفة المعينة التي تربط الجن والانس هي العبادة والعبوديه لله عز وجل يعني ان يكون هناك عبد ورب ، عبد يعبد ، وربَّ يُعبد وأن تبنى وان تستقيم كل حياة العبد على اساس هذا الاعتبار انه عبد لرب .
ان مدلول العبادة اشمل وأوسع من مجرد اقامة الشعائر فالجن والانس لا يقضون حياتهم في اقامتها والله لا يكلفهم هذا فإنه عز وجل يكلفهم الواناً اخرى من الافعال تستغرق كل حياتهم ، فإننا لا نعرف انواع الافعال التي تستغرق حياة الجن ولكننا نعرف حدود الانشطة والافعال المطلوبة منا في قوله عز وجل {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} البقرة30 .
فهذه الخلافة في الارض تقتضي انواعاً وألواناً من النشاط والافعال المطلوبة والمتعلقة بعمارة الارض المسخرة لنا بالتعرف الى قوانينها وطاقاتها ومكنوناتها لتحقق ارادة الله عز وجل في استخدامها وتنميتها كما تقتضي الخلافة القيام على شريعة الله في الارض لتحقيق منهج الله وان تحكم الارض بشرع الله .
ان معنى العبادة التي هي غاية الوجود الانساني او التي هي وظيفة الانسان الاولى اوسع وأشمل من مجرد الشعائر وان وظيفة الخلافة داخلة في مدلول العبادة قطعاً وأن حقيقة العبادة تتمثل في امرين : -
1 – ان تستقر معنى العبودية لله في النفس استقراراً يقيناً من ان هناك عبد ورب ، عبداً يعبد ورباً يُعبد ، وليس وراء ذلك شيء وليس هناك الا هذا الوضع وهذا الاعتبار عابد ومعبود رب واحد والكل له عبيد .
2- ان هذا الانسان وهذا العبد هو عاجز وناقص ومحدود ودائم الاحتياج الى الله الخالق في كل حركة من حركات حياته فيتوجه له دائما طالباً مستجيراً عائذاً به وأن يتجرد من كل شعور آخر او وسوسة سواء في شعائره او عمله وصدق الله العظيم {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ }الزمر38 .
بهذا وذاك يتحقق معنى العبادة ، بل ويصبح العمل كالشعائر والشعائر كعمارة الارض وعمارة الارض كالجهاد في سبيل الله والجهاد في سبيل الله كالصبر على الشدائد والرضى بقضاء الله والطاعة في المكره والمنشط في قوله تعالى {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }البقرة156 ، فكانت كلها عبادة لله وتحقيق للوظيفة وكلها خضوع لله عز وجل .
ان الانسان الذي يعيش ضمن اطار اوامر الله ونواهيه وهو مدرك انه ما وجد في هذه الحياةَ الدنيا الا لمطلوب واحد وهو عبادة ربه لا غاية له الا طاعة ربه في كل امر ليجد في نفسه الطمأنينة والرضى عن وضعه وعمله ومن انسٍ برضى الله عنه ورعايته له ، ثم يجده في الأخرةِ تكريماً وفضلاً عظيما .
ان ادراك هذا الامر هو الفرار الى الله حقاً ، ويكون قد فرمن حبال هذه الحياة الدنيا وجواذبها ومغرياتها وخلص لله عبداً له وقام بما خلق له وحقق غاية وجوده ، فانه ومع ذلك ينهض بتكاليفها ويحقق اقصى ثمراتها ويعمل بجد فيها وهو في الوقت نفسه تافضٌ يديه منها خالص القلب من جواذبها ومغرياتها ذلك لانه لم ينهض بالخلافة ويحقق ثمراتها لذاته هوولا لذاتها ولكن لتحقيق معنى العبادة فيها ثم الفرار الى الله منها .
ان من مقتضيات العبادة ان تصبح قيمة الاعمال في النفس مستمدة من بواعثها لا من نتائجها ..... فقيام المسلم بالعمل الواجب فرض عليه فيقوم به لانه فرض مأمور به من الله بوصفه عبداً له بغض النظر عن نتيجة هذا العمل ، فالعمل الذي يقوم به غير معلق بهذه النتائج فهذه النتائج ليست دافعاً للعمل او للترك بل امر الله عز وجل هو الدافع لهذا العمل ، وأمره عز وجل هو الواجب الأداء ، وجزاء العبد ليس في النتائج مطلقاً وانما جزاؤه في العبادة التي أدّاها طاعة لله عز وجل .
ان الذي ادرك حقيقة عبوديته لله عز وجل تتغير مواقفه تغيراً كاملاً تجاه الواجبات والتكاليف والاعمال فينظر الى معنى العبادة الكامنِ فيها ، ولتكن النتائج ما تكون بعد ذلك فإنها غير داخلة في واجبه ولا في حسابه وليست من شأنه ، وانما هو قضاء الله عز وجل وقدره ومشيئته ورحم الله حبيب بن عدي حين قال لطغاة مكة
ولست ابالي حين اقتل مسلماً على اي جنبٍ كان في الله مصرع
ان الانسان حين يرتفع الى افق العبودية لله ويستقر قلبه ، فإن نفسه تأنف حتماً من اتخاذ وسيلة خسيسة لتحقيق عناية كريمه ولو كانت هذه الغاية هي نصر دعوة الله وجعل كلمته هي العليا ، فالوسيلة الخسيسة من جهة تحطم معنى العبودية الحقة لله عز وجل ومن جهة اخرى فهو لا يعّنى نفسه ببلوغ الغايات ، انما يعني نفسه بأداء الواجبات تحقيقاً لمعنى العبادة في الاداء .... ، اما الغايات فإن امرها موكول لله عز وجل يأتي بها وفق قضاءه .
وإن من مقتضيات العبودية ان تدرك ان الزمن الذي يمر بك لا يعود وأن حياتك هي اللحظة التي تمر بك وتعيشها وأن خاتمة عملك هي ( الآن ) وهي اللحظة التي نحن فيها ، فأي عمل تشتغل به ( الآن ) واجب عليك ان تدرك ان الله مضطلع عليك وسائلك عنه وواجب عليك ادراك الصلة بالله الخالق بوصفك عبداً له واجبة عليك طاعته وأجلك لا تعلم متى كتابه وانتهاؤه .
ان الماضيَ قد مضى وانقضى ولن يعود القهقرى فما مضى من عملك فإن الله جل وعلا قد فتح لك فيه باب التوبة والاستغفار وهو متعلق به فالتوبة والاستغفار لا يكون لما تستقبل من الزمن وانما يكون لما استدبرت منه وصدق الله العظيم{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53 .
وقد اخرج احمد في مستنده ومسلم في صحيحه من حديث ابي موسى الاشعري ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ( ان الله يبسط يده باليل ليتوب مسيئ النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل ) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( الندم توبة ) فلا تجعل الماضي يستولي عليك فتعيش في آلام الامس كالذي يسير الى الامام وراسه ملتقت للخلف .
واما ما تستقبل من الايام فإن الله جل وعلا قد اخذ لنفسه عمر العبد طولاً وترك له بعدين أخرين هما العرض والعمق ، اذ ان عمرك طولاً لا يعلمه الا الله ولا يملك نهايته الا الله وحده لكن ترك لك ان تمد في العرض ما تشاء وذلك بأن تعيش اللحظة وتستثمرها وتوسع دائرة الخير فيها ، وبذلك يكون العرض اكبر من الطول فليست العبرة بطول العمر ولكن بقدر العمل الصالح الذي قام به العبد بغض النظر اطال عمره ام قصر .
وأما العمق فيكون للانسان بعد موته وإنقطاع عمله في الدنيا بأن يبقى اثر خيره من بعده ممتداً في عمق الزمان ، فالبخاري ومسلم والقرطبي والشافعي والفخر الرازي وابن حزم وابن حجر العسقلاني وغيرهم وغيرهم من القادة والعلماء ما زال اثرهم حاضر وعمق اعمارهم موجود رغم كل هذه السنين التي تعادل اضعاف اضعاف عمرهم .
ان الخوف لا يكون من ماضٍ مضى وانما يكون من المستقبل لانه مجهول فخاطبنا ربنا عز وجل لنطمئن فقال{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }الأحقاف13 ، فكانت الاستقامة في ( اللحظة) بالطاعة لله والعمل الصالح من مفتاح امان المستقبل لا تخاف منه ، بل تستقبله بالاطمئنان والرضى لكل حوادثه .
ان الله جلت قدرته قد خاطب بينه صلى الله عليه وآله وسلم وقال {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }الزمر30 ، ونحن ندرك حقيقة اننا سوف يأتي علينا الفناء وبعده يوم القيامة فلا يوجد بعد الشباب شباب وانما كما اخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين اخبرنا فقال ( بادروا بالاعمال سبعاً ، هل تنتظرونَ الا فقراً منسياً ، او غنىً مطغياً ، او مرضاً مفسداً ، او هرماً مفنداً ، او موتاً مجهزاً ،او الدجال فشر غائب ينتظر ، او الساعة فالساعة ادهى وأمر ) رواه الترمذي عن ابي هريرة .
فكان مقتضيات العبودية ان تعيش اللحظة كما امر الله وأن تستسلم لقضاء الله فيما انت مقبل عليه وأن يكون الامر كما اخبر الله عز وجل {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{44} فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ{45}غافر ، وقد اخرج احمد والترمذي من حديث ابي سعيد الحذري ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ( اذا اصبح ابن آدم قإن اعضاءه تُكِّفرُ اللسان تقول اتق الله فينا فإنك ان استقمت استقمنا ، وان اعوجبت اعوجبنا ) .
والخلاصة اننا ما وجدنا في هذه الحياة الدنيا الا لعبادة الله عز وجل كما امرنا ، فلا نعبده كما نشاء بل كما يشاء هو عز وجل وليس لامر آخر لا لجمع المال ولا للجاه وصدق رسول الله صلىا لله عليه وآله وسلم فقد روى الديلمي عن ابي مسلم الخولاني قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( فما اوحي اليَّ ان اجمع المال وأكون من التاجرين ولكن اوحي اليَّ فسبح بحمد ربك وكم من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) رواه الحاكم وصدق الشاعر حين يقول :
والعيش نوم والمنية يقظةٌ والمرءُ بينهما خيال ساري .
حديث رمضان 8 لعام 2010
جواد عبد المحسن
0 تعليقات