انما المشركون نجس



انما المشركون نجس


مستعجل نيوز 5-8-2012  أكدت مديرة مكتب السياحة المصري في العاصمة البريطانية لندن "أميمة الحسيني" على أن تصريحات الدكتور "محمد مرسي" رئيس الجمهورية خلال زيارته الأقصر ولقائه عددا من السياح سيكون لها تأثير كبير على عودة حركة السياحة إلى "مصر" خلال الفترة المقبلة والتي تعتبر بداية الموسم الشتوي الذي تنشط فيه السياحة إلى "مصر"حيث قالت "الحسيني" في تصريحات لـ"أ.ش.أ" في لندن "إنها رسالة إيجابية للداخل قبل الخارج حيث أنها تحث المجتمع المصري على أن يكون مجتمعا حاضنا وراعيا للسياحة لأنها توفر الرزق للعديد من المصريين وتوفر العملة الصعبة لمصر"

هذا الخبرلا بد له من قراءة سياسية من زاوية نظر شرعية ,فالكلام المناسب في الموقف المناسب ليس هو القيد الشرعي, وانما ما يوافق الحكم الشرعي للكلام حتى لا يخالف الكلام بالامس الكلام في الغد,فالشعار الذي رفع قبل الانتخابات هو(الاسلام هو الحل)فلا يعقل او يقبل ان يكون الاسلام هو الحل في امر ولا يقبل في امر فقبول الاسلام ان يكون هو الحل ليس اختياريا وانما قيده الحكم الشرعي الذي نعبد الله بالتقيد به.

ان رعاية الشؤون في دولة الاسلام هي لمعالجة قضايا الانسان بوصفه انسانا بغض النظر عن كونها قضية اقتصادية او اجتماعية او غيرها ,ولا يجوز النظر اليها الا من خلال القاعدة الفكرية المنبثقة عن العقيدة الاسلامية.

لقد كانت مكة مركز التجارة بالنسبة للجزيرة العربية وكان عمل اغلب اهل مكة يدور ضمن اطارها,وكان موسم الحج هو ذروة عملهم وموسمهم الذي ينتظرونه من الحول الى الحول,فنزل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا )28:التوبة ,فقد روى سفين عن واقد عن سعيد بن جبير قال لما نزلت إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا اشتد ذلك على المسلمين وقالوا ما يأتينا بطعامنا فأنزل الله عز وجل( وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله) (الآية 28)التوبة,و العيلة الفقر يقال : عال الرجل يعيل : إذا افتقر قال الشاعر :

وما يدري الفقير متى غناه

 
وما يدري الغني متى يعيل


 

واقتضى تطمينهم من ناحية الرزق الذي يخشون عليه من كساد الموسم وتعطل التجارة؛ وتذكيرهم أن الرزق منوط بمشيئة الله لا بهذه الأسباب الظاهرة التي يظنونها .

فقد أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان المشركون يجيئون إلى البيت ويجيئون معهم بالطعام يتجرون به فلما نهوا عن أن يأتوا البيت قال المسلمون : فمن أين لنا الطعام ؟ فأنزل الله : { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء } قال : فأنزل الله عليهم المطر وكثر خيرهم حيث ذهب المشركون عنهم

ان دخول العناصر الجديدة الكثيرة في دين الله افواجا و التوسع الأفقي السريع الذي جاء إلى المجتمع المسلم بهذه الأفواج التي لم تنطبع بعد بطابع الإسلام,  ولولا أن مجتمع المدينة كان قد وصل مع الزمن الطويل ، والتربية الطويلة إلى درجة من الاستقرار والصلابة والخلوص والاستنارة ، لكانت هذه الظواهر مثار خطر كبير على وجود الإسلام ذاته .

يقول السيد قطب في الظلال (بتصرف) (لقد قامت كل عقيدة بالصفوة المختارة ، لا بالزبد الذي يذهب جفاء ، ولا بالهشيم الذي تذروه الرياح) فالصحابة هم النواة الصلبة لهذا المبدا وهم بثباتهم وصبرهم على كل الصعاب التي عاشوها مع النبي صلى الله عليه وسلم وشربوا هذا المبدأ حتى الرواء,ففهموا الخطاب حق الفهم.

ان خطاب الله لهم لمس وجدان المسلمين بالذكرى القريبة من التاريخ ، ينهي القول في شأن المشركين . ويلقي الكلمة الباقية فيهم إلى يوم الدين : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) }.التوبة

إنما المشركون نجس . يجسم التعبير نجاسة أرواحهم فيجعلها ماهيتهم وكيانهم . فهم بكليتهم وبحقيقتهم نجس ، يستقذره الحس ، ويتطهر منه المتطهرون! وهو النجس المعنوي لا الحسي في الحقيقة ، فأجسامهم ليست نجسة بذاتها . إنما هي طريقة التعبير القرآنية لوصفهم { نجس  فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } وتلك غاية في تحريم وجودهم بالمسجد الحرام ، حتى لينصبّ النهي على مجرد القرب منه ، ويعلل بأنهم نجس وهو الطهور.

ولكن الموسم الاقتصادي الذي ينتظره أهل مكة؛ والتجارة التي يعيش عليها معظم الظاهرين في الجزيرة؛ ورحلة الشتاء والصيف التي تكاد تقوم عليها الحياة ستتعرض للضياع بمنع المشركين من الحج؛ ليس هذا فقط وانما إعلان الجهاد العام على المشركين كافة .

نعم هذا هو الاسلام وهذه عقيدته والله يريد أن تخلص هذه القلوب كلها للعقيدة وبعد ذلك ، فالله هو المتكفل بأمر الرزق بالأسباب المعهودة المألوفة وبغيرها : { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء } وحين يشاء الله يستبدل أسباباً بأسباب؛ وحين يشاء يغلق باباً ويفتح الأبواب,وحين يشاء يستبدل العسر باليسر { إن الله عليم حكيم } يدبر الأمر كله عن علم وعن حكمة ، وعن تقدير وحساب . .

ويقول رحمه الله "لقد كان المنهج القرآني يعمل ، في المجتمع المسلم الذي نشأ من الفتح؛ والذي لم تكن مستوياته الإيمانية قد تناسقت بعد,فبقيت بعض أثار الماضي وكان لا بد من سد هذه الثغرات وكما نلمح من خلال السياق ما كان يعتور هذا المجتمع من ثغرات . فكذلك نلمح عمل المنهج القرآني في سد هذه الثغرات . ونلمح الجهد الطويل المبذول لتربية هذه الأمة بهذا المنهج القرآني الفريد" .

ويتابع "إن القمة التي كان المنهج القرآني ينقل خطى هذه الأمة لتبلغ إليها ، هي قمة التجرد لله ، والخلوص لدينه وقمة المفاصلة على أساس العقيدة مع كل أواصر القربى وكل لذائذ الحياة ، وكان هذا يتم من خلال ما يبثه المنهج القرآني من وعي لحقيقة الفوارق والفواصل بين منهج الله الذي يجعل الناس كلهم عبيداً لله وحده ، ومنهج الجاهلية الذي يجعل الناس أرباباً بعضهم لبعض وهما منهجان لا يلتقيان  ولا يتعايشان" .

وبدون هذا الفقه الضروري لطبيعة هذا الدين وحقيقته ، وطبيعة الجاهلية وحقيقتها وطبيعة العلاقة الحتمية بين منهج الله ومناهج الجاهلية التي تقررعدم إمكان التعايش إلا في ظل أوضاع خاصة وشروط خاصة؛ قاعدتها ألا تقوم في وجه الإعلان العام الذي يتضمنه الإسلام لتحرير الإنسان بعبادة الله وحده والخروج من عبادة البشر للبشر ، أية عقبات مادية من قوة الدولة ، ومن نظام الحكم ، ومن أوضاع المجتمع على ظهر الأرض, ذلك أن منهج الله يريد أن يسيطر ، ليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده, ومناهج الجاهلية تريد - دفاعاً عن وجودها - أن تسحق الحركة المنطلقة بمنهج الله في الأرض ، وأن تقضي عليها او حرفها عن مسارها القويم, وطبيعة المنهج الإسلامي أن يقابل هذا الواقع البشري بحركة مكافئة له ومتفوقة عليه ، في مراحل متعددة ذات وسائل محددة واساليب متجددة" .

ويقول سيد قطب "لا يملك إنسان أن يقوّم الأحكام الإسلامية  ، التي تقرر قواعد المعاملات والعلاقات بين المعسكر المسلم وسائر المعسكرات, بناء على مصلحة يراها هو او يبررها له غيره ,لسبب واضح لكل مسلم وهو ان الاصل في الافعال هو التقيد بالحكم الشرعي ,والعلاقة بيننا وبين غيرنا قائمة على المفاصلة بين الحق والباطل,فلا يحدد الهوى هذه العلاقة وانما الاحكام الشرعية.

من المهم جدا الادراك بان ديار المسلمين ليست مفتوحة ومشرعة لكل من هب ودب, فيدخل ويخرج كيف ومتى يشاء وجواز سفره الاجنبي حارسه وحاميه فلا يحق لاحد اعاقته او منعه,فلا يقاس الواقع البئيس الذي نعيشه في ظل هذه الدول الوهمية السيادة والتي يفصلُ للاجنبي فيها ما يوافق هواه من سبل (الترفيه)من شواطىء للسباحة والفنادق ومحلات ونواد قمار لجلبه او اغرائه للمجيء دون حساب لخصوصية هذه الامة او احترام لعقيدتها,فلا يقاس على دولة الاسلام مطلقا فدولة الاسلام قضيتها الاولى نشر الاسلام وحمله قيادة فكرية للعالم.

فالكافر الحربي هو كل كافر لم يدخل في ذمة المسلمين، سواء أكان معاهداً أو مستأمناً، أو كان غير معاهد ولا مستأمن. فإذا عُقدت معاهدة بين الدولة الإسلامية وبين أي دولة كافرة، كان رعايا الدولة معاهدين يعامَلون حسب ما تنص عليه المعاهدة التي بيننا وبينهم، وينفذ كل ما تضمنته هذه المعاهدة. إلاّ أنه مع وجود المعاهدة لم يخرج الكفار المعاهدون عن كونهم كفاراً حربيين حكماً، لأنه بمجرد انتهاء المعاهدة أو نقضها من قِبلهم أو من قِبلنا يرجع حكمهم حكم سائر الكفار الحربيين.

أمّا إذا لم تكن بيننا وبينهم معاهدة فهم كفار حربيون حقيقة لا حكماً، سواء أكانت حالة الحرب قائمة بيننا وبينهم بالفعل أم لم تكن قائمة، فلا يمكَّنون من دخول بلاد المسلمين إلاّ بأمان خاص لكل مرة، ولا يمكَّنون من الإقامة في بلاد المسلمين إلاّ مدة معينة محددة. إلاّ أن الفرق بين الدولة الكافرة الحربية المحارِبة بالفعل وبين الدول الكافرة الحربية غير المحاربة بالفعل هو أن الدولة المحاربة بالفعل لا تُعقد معها أية معاهدة قبل الصلح ولا يعطى الأمان لأحد من رعاياها إلاّ إذا جاء ليسمع كلام الله أو جاء ليكون ذمياً يعيش في بلاد المسلمين، بخلاف الدولة الحربية غير المحاربة بالفعل فإنها تعقد معها المعاهدات التجارية وحُسن الجوار وغير ذلك، ويعطى رعاياها الأمان لدخول البلاد الإسلامية للتجارة أو النزهة أو السياحة أو غير ذلك.

وكما يجيز دخول المسلم بلاد الكفر بأمان يجوز أن يدخل الحربي بلاد المسلمين بأمان. فقد أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمان للكفار يوم فتح مكة فقال: (من أغلق بابه فهو آمِن)، وكان صلى الله عليه وسلم يؤمِّن رسل المشركين وحرّم الغدر فيمن أعطي الأمان. فعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل غادرٍ لواءٌ يوم القيامة يُرفع له بقدر غدرته، ألا ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامة).الجمع بين الصحيحين

والحربي المستأمِن لا يمكَّن من المكث في بلاد المسلمين اكثر من سنة، فيعطى الأمان شهراً أو شهرين أو أكثر ولا يعطى أكثر من سنة. وإن أعطي أماناً مطلقاً ولم تحدد المدة فالمعتبَر هو الحوْل، لأنه أبيح له الإقامة في دار الإسلام من غير جزية فيعطى سنة، فإن زاد عليها يخيَّر بين الإقامة والتزام الجزية، وبين الخروج من دار الإسلام. فإن بقي بعد السنّة اعتُبر قابلاً للجزية وضُربت عليه الذمة فأصبح ذمياً وتحصّل منه الجزية، لأنه لا يجوز أن يبقى كافر في بلاد الإسلام دون جزية.         

ان زيارة بلاد المسلمين لا يحددها الزائر او دولته وانما تحددها الدولة الاسلامية, فالعلاقات الخارجية منضبطة بالمبدأ وخاضعة له,فان كانت هذه الزيارات تخدم الاسلام فالدولة تعمل على ايجادها وتنظيمها ومثاله قول الحق سبحانه (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ) 6:التوبة ,فدخولهم واقامتهم ان كانت ضمن اطار (حتى يسمع كلام الله) وان يعيش العيش الطبيعي للاسلام وطراز حياة المسلمين ,فان هذا بحد ذاته دعوة له للاسلام ,فالقضية هنا مبدأية وليست اقتصادية بل هي من الاولويات.

وبلاد الاسلام في حق الكفار اقسام ثلاثة :

1- الحَرَم : ولا يجوز لكافر ان يدخله ، بذلك قال معظم الائمة ، وقال ابو حنيفة : يجوز للمعاهِد ان يدخل الحرم بإذن الخليفة او نائبه .

2- الحجاز :ويمنع كل كافر من استيطان الحجاز) سواء أكان ذلك بجزية أم لا لشرفة، ولما روى البيهقي عن أبي عبيدة بن الجراح: آخر ما تكلم به النبي (ص): أخرجوا اليهود من الحجاز، ولخبر الصحيحين:أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وخبر مسلم: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب. والمراد منها الحجاز المشتملة هي عليه ولم يرد جميع الجزيرة، لأن عمر رضي الله تعالى عنه أجلاهم من الحجاز وأقرهم في اليمن مع أنه من جزيرة العرب.
تنبيه: لو عبر بالإقامة الاستيطان كما في الروضة لكان أولى، فإنه يلزم من منعها منع الاستيطان ولا عكس، فلو أراد الكافر أن يتخذ دارا بالحجاز ولم يسكنها ولم يستوطنها لم يجز، لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كالأواني وآلات الملاهي، وإليه يشير قول الشافعي في الام: ولا يتخذ الذمي شيئا من الحجاز دارا. مغني-المحتاج-ج-٤/الصفحة_246 وقال أبو حامد الغزالي: "ويقرون في سائر البلاد إلا بالحجاز".وقال ابن الهمام في فتح القدير: "أمصار المسلمين التي ليست من جزيرة العرب يمكنون من سكناها ولا خلاف في ذلك.
3 - سائر بلاد الاسلام : ويجوز للكافر ان يقيم فيها بعهد وامان

حديث رمضان 11
جواد عبد المحسن

إرسال تعليق

0 تعليقات