الفرق بين النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الفرق بين النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 النصيحة غير الإنكار ، النصيحة باب والإنكار فصل منه ؛يعني أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باب من أبواب النصيحة ,والنصيحة عامة ومن النصيحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والنصيحة هذه عامة كما جاء في الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، ثلاثاً ، قلنا لمن يا رسول الله - يعني - قال الصحابة لمن يا رسول الله ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامتهم)
فالنصيحة عامة والدين كله نصيحة فالنصيحة هذه لأئمة المسلمين ولعامتهم تشمل الأمر والنهي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعض النصيحة لكن له شروط خاصة فهو كالمخصص من العام ,والتخصيص من العموم بشروطه وله أحكامه .
فليست كل أحكام النصيحة جارية على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليست كل أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جارية على النصيحة بل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نصيحة لعباد الله ولأئمة المسلمين ولعامتهم ولكن بشروطه الشرعية .
والنصيحة تكون سراً وتكون مُجملةً بدون تحديد ، هذا الأصل فيها ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يكون في بعض أحواله سراً ولكن الأصل فيه أن يكون علناً .
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون إذا رُؤِي المنكر أو سُمِع سماعاً محققاً ، والنصيحة تكون بأوسع من ذلك فيما إذا رُؤي أو سُمٍع أو أُبلِغتَهُ ، أو بلغك أنه حصل كذا وكذا .
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون فيما إذا حصل المنكر أمامك ، أما إذا حصل في غيبة عنك فإنه يعود إلى الأصل العام وهو النصيحة لأن النبي عليه الصلاة والسلام الصلاة والسلام قيَّد وجوب الإنكار بقوله (من رأى منكم منكراً) ، فمن رأى وجب عليه ومن لم يرى بل سمع أو قيل له فلان حصل منه كذا وكذا أو الأمر الفلاني حصل فيه كذا وكذا فالمجال فيه مجال نصيحة .
ومن الفروق أيضاً أن النصيحة تحتاج إلى تثبت واستفصال والأمر والنهي بما حصل أمامك فإنك متيقن منه ، يعني أن النصيحة لمن يحتاج النصيحة تكون بما علمته وتثبت منه وشرح لك الامر شرحا واخفى منه شيئا فنصيحتك له تكون بما سمعت وأما الأمر والنهي فلا بد فيه من اليقين.
ومن الفروق بينهما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متعلق بالمنكر ، أن النهي عن المنكر يعني في حديث أبي سعيد هذا (من رأى منكم منكراً فليغيره) هذا متعلق بالمنكر ، وأما النصيحة فهي متعلقة بمن ينتفع من الأمر أو النهي عن المنكر
فحديث أبي سعيد متعلق بالمنكر وليس فيه ذكر لفاعل المنكر ، قال (من رأى منكم منكراً فليغيره) ، يعني ليغير المنكر ، أما الواقع في المنكر فهذا يختلف الحال فيه ,
فمقامه يحتاج إلى تفصيل :
الحال الأولى: أن يكون المُنكِر للذي رآه من أهل الحسبة ، يعني من نواب الحاكم في الإنكار ، فهؤلاء حالهم غير حال عامة الناس ، فهذا المحتسب لَهُ أن يعاقبه بتخويل السلطان لَهْ ، فلَهُ أن يعاقب برؤية المنكر إذا رأى الفاعل وأما عامة الناس  يعني غير أهل الحسبة فليس لهم ان يعاقبوا فاعل المنكر  فهؤلاء لا بد أن يُفَرِّقُوا بين المنكر وبين فاعل المنكر وعملهم ليس نصيحة بل امر بمعروف ونهي عن منكر .
   ان المنكر يجب إنكاره, واما فاعله فهذا المقام فيه مقام نصيحة (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ومثاله إذا رأيت مع أحد المسلمين خمراً أو رأيت معه أمراً منكراً أو رأيته يمارس أمراً منكراً ، فإنكار المنكر بإزالته ، بتغييره باليد إن أمكن أو باللسان ، أما صاحب المنكر الواقع فيه فهذا تستعمل معه الرفق والأناة وما هو أنفع وأصلح له .
والإنكار للمُنْكِرِ نفسه هذا لا بد فيه من قوة (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده) فلا يكون مجاملة,أما فيمن فعله فهذا تُهادِيْهْ وتدعوه بالتي هي أحسن ومن رأيت معه شيء تكسر المنكر الذي معه، أو تُقَطِّعُهُ، أو تحجز بينه وبينه بحسب ما يقتضيه الوضع والحال ذلك أن المُنْكَرَ مع فاعله تارة يكون منفكاً وتارةً يكون ملازماً  فإن كان منفكاً بمعنى أن المعصية منفكة عن فاعلها أو المنكر منفك عن فاعله ، مثل أن تدخل على أحد فتجد أمامه كأس خمر أو تجد انه يسرق أو تجد أن أمامه صورة عارية ينظر إليها ونحو ذلك ، فهذه الجهة منفكة لأن كاس الخمر منفصل عن من يريد أن يشربه والصورة العارية منفصلة عن من يريد أن يشاهدها والمال الذي يريد أن يسرقه منفصل عنه .
فهذا إنكار المنكر بأن تغير هذا الذي بين يديه - يعني المنكر - بيدك فإن لم تستطع فبلسانك بمعنى تحجزه عن ذلك باللسان ، أو تكسره بيدك إن كان ذلك بالإمكان .
فالمُنْكَرُ نفسه لا تكن رفيقاً به ، وأما من وقع فيه فلابد فيه من الرفق لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نُزِعَ من شيء إلا شانه) .
الحالة الثانية: أن يكون المنكر ملازماً لصاحب المنكر، مثل أن يكون مسبلاً لإزاره، أو أن يكون لابساً لذهبٍ، أو أن يكون سكراناً أو ما شابه ذلك ، فهذه فيها اختلاط المنكر بفاعله ، لا تستطيع أن تجعل المسبل مُشَمِّراً ، هذا ليس مستطيعا ، فيكون هنا الإنكار باللسان (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه) فيكون الإنكار باليد لمن له ولاية.

جواد عبد المحسن
حديث رمضان 14
2016

إرسال تعليق

0 تعليقات