شويل وكرامة بنت عبد المسيح

شويل وكرامة بنت عبد المسيح

عن شداد بن أوس ، قال : كان رسول الله يقول : « إن الله تبارك وتعالى زوى  لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها ، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها"وهذا الحديث قاله عليه الصلاة والسلام في حصار الاحزاب للمدينة حين اعترضتهم الصخرة,وروى قيس بن أبي حازم عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( مثلت لي الحيرة كأنياب الكلاب وإنكم ستفتحونها ) فقام رجل فقال : هب لي يا رسول الله ابنة بقيلة فقال : ( هي لك ),وهذا في السنة الخامسة للهجرة,وهذا الرجل الذي طلب ابنة بقيلة واحد من عوام المسلمين الذين آمنوا وقالوا عندما راو الاحزاب (هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله)فطلب ما طلب معتقدا بصحة ما سمع من الرسول وان ابنة بقيلة قطعا له لان الرسول اخبر الخبر واعطاه اياها,في الوقت الذي كان المنافقون في المدينة يعلقون على قول المصطفى صلى الله عليه وسلم انه يعدهم بفتح فارس والروم  وأخذ المنافقون ينفثون مكنون نفوسهم، ويعملون على نشر الوهن والخذلان في صفوف المؤمنين، ويُكذِّبون وعد الله ورسوله بالفتح، يقول  تعالى ( وإذْ قالت طائفةٌ منهم يا أهل يَثرب لا مقامَ لكمُ فارجعوا) الأحزاب: 13، وأخذوا يتندّرون بأحاديث الفتح ويَسخرون منها، وقالوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يُخبركم أنه يُبْصِر قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنتم تحفرون الخندق لا تستطيعون أن تبرزوا، قال تعالى  ( وإذْ يقولُ المنافقون والذين في قلوبهم مرضٌ ما وَعَدنَا الله ورسولُه إلا غروراً) الأحزاب 12. وكانوا يحرّضون أهل المدينة على ترك الصفوف والعودة إلى بيوتهم، ويتعذّرون بأن بيوتهم عورة، وقد فضحهم الله - تعالى -في قوله: ( ويستأذن فريقٌ منهمُ النبيّ يقولون إن بيوتنا عورةٌ وما هي بعورةٍ إن يريدون إلا فراراً) الأحزاب13.
وما هي الا سنوات ما بلغت العشر الا ويكتب خالد  لأهل الحيرة كتاب أمان، فكان الذي راوده عليه عمرو بن عبد المسيح ابن نقيلة,ثم دعاهم وسألوا خالدا الصلح فصالحهم وكتب لهم كتابا بالصلح، وأخذ منهم أربعمائة ألف درهم عاجلة، ولم يكن صالحهم حتى سلموا كرامة بنت عبد المسيح إلى رجل من الصحابة يقال له: شويل وذلك أنه لما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قصور الحيرة كأن شرفها أنياب الكلاب. فقال له: يا رسول الله هب لي ابنة بقيلة. فقال: « هي لك » فلما فتحت ادعاها شويل، وشهد له اثنان من الصحابة فامتنعوا من تسليمها إليه وقالوا: ما تريد إلى امرأة ابنة ثمانين سنة؟
فقالت لقومها: إدفعوني إليه، فإني سأفتدي منه وإنه قد رآني وأنا شابة، فسلمت إليه فلما خلا بها، قالت: ما تريد إلى امرأة بنت ثمانين سنة وأنا أفتدى منك فاحكم بما أردت.
فقال: والله لا أفديك بأقل من عشر مائة فاستكثرتها خديعة منها، ثم أتت قومها فأحضروا له ألف درهم. ولامه الناس وقالوا: لو طلبت أكثر من مائة ألف لدفعوها إليك. فقال: وهل عدد أكثر من عشر مائة؟ وذهب إلى خالد وقال: إنما أردت أكثر العدد.
فقال خالد: أردت أمرا وأراد الله غيره، وإنا نحكم بظاهر قولك ونيتك عند الله كاذبا أنت أم صادقا.
وقال سيف بن عمر: عن عمرو بن محمد، عن الشعبي لما افتتح خالد الحيرة صلى ثماني ركعات بتسليمة واحدة، وقد قال عمرو بن القعقاع في هذه الأيام ومن قتل من المسلمين بها، وأيام الردة:

       سقى الله قتلى بالفرات مقيمة          وأخرى بأثباج النجاف الكوانف
       ونحن وطئنا بالكواظم هرمزا         وبالثنى قرني قارن بالجوارف
       ويوم أحطنا بالقصور تتابعت        على الحيرة الروحاء إحدى المصارف
       حططناهم منها وقد كان عرشهم        يميل بهم فعل الجبان المخالف
       رمينا عليهم بالقبول وقد رأوا           غبوق المنايا حول تلك المحارف

      صبيحة قالوا نحن قوم تنزلوا            إلى الريف من أرض العريب المقانف

جواد عبد المحسن 
حديث رمضان 14
2016

إرسال تعليق

0 تعليقات