مفهوم الهداية


مفهوم الهداية

الهداية في اللغة : تعني الدلالة والإرشاد و في الاصطلاح : هي سلوك الطريق الذي يوصل الإنسان إلى غايته وهي نوال رضوان الله، بإتباع شرع الله.
      يخبر سبحانه أن هذا القرآن: {هدى للمتقين} أي: في القرآن إرشاد للمتقين واهتداء لما فيه صلاحهم وفلاحهم في العاجل والآجل؛ ونقرأ قوله تعالى في صفة هذا القرآن، أنه {هدى للناس} (البقرة:185).
     وظاهر الآية الأولى، أن هداية القرآن الكريم خاصة بالمتقين فحسب؛ بينما جاءت الآية الثانية عامة، فوصفت هدى القرآن بأنه للناس، ولفظ (الناس) لفظ عام، يشمل المتقين وغيرهم، والمؤمنين ومَن سواهم.
     ويبدو للناظر أن بين الآيتين تعارضًا، ووجه الجمع بينهما أن يقال إن الهداية في القرآن نوعان: هداية دلالة وإرشاد، وهو الذي تقدر عليه الرسل وأتباعهم، وهو المعنيُّ في قوله تعالى: {ولكل قوم هاد} (الرعد:7) أي: لكل قوم هاد يدلهم ويُرشدهم إلى سُبُل الحق؛ ومن هذا الباب قوله جلا وعلا: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} (الشورى:52) فأثبت سبحانه للرسل ومن سلك سبيلهم الهدى، الذي معناه الدلالة، والدعوة، والتنبيه وهي إبانة الطريق، وهو ما فعله صلى الله عليه وسلم، وقام به أحسن القيام، وأتمَّه خير التمام، حتى ترك أمته على المحجَّة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
          وتفرد سبحانه بالهدى -وهو النوع الثاني- الذي معناه التأييد والتوفيق والتسديد، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} (القصص:56) فالهداية هنا بمعنى التوفيق لالتزام سبيل المؤمنين، ونهج سلوك المتقين، وهو المعنيُّ في قوله تعالى: {ويهدي من يشاء} (يونس:25).
        إن الهداية في القرآن تأتي على نوعين: أحدهما عام، والثاني خاص؛ فأما الهداية العامة، فمعناها إبانة طريق الحق والرشاد، وإيضاح الحجة والسداد، وعلى هذا المعنى جاء قوله تعالى: {وأما ثمود فهدينهم} (فُصِّلت:17) والمعنى: بيَّنا لهم طريق الحق من الضلال، ووضَّحنا لهم طريق الرشاد من الفساد، بَيْدَ أنهم آثروا الثاني على الأول؛ فالأمر هنا أمر اختيار واختبار، يوضع أمام العبد ليختار منهما ما يشاء، والدليل على هذا الاختيار، قوله سبحانه: {فاستحبوا العمى على الهدى} (فُصِّلت:17) أي: استحبوا طريق الضلال على طريق الرشاد؛ ومثله أيضًا قوله تعالى: {وهديناه النجدين} (البلد:10) أي بيَّنا له طريق الخير وطريق الشر.
      وأما الهداية الخاصة، فهي تفضُّل من الله سبحانه على العبد بتوفيقه إلى طاعته، وتيسيره سلوك طريق النجاة والفلاح وعلى هذا المعنى جاء قوله عز وجل {أولئك الذين هدى الله} (الأنعام:90) وقوله سبحانه: {فمن يُرِد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} (الأنعام:125).
       خصَّ سبحانه المتقين بالهداية، وإنْ كان القرآن هدى للخلق أجمعين؛ تشريفًا وإجلالاً وكرامة لهم وبيانًا لفضلهم؛ لأنهم آمنوا به وصدقوا بما فيه ,فتخصيص الهدى بالمتقين باعتبار الغاية أي إن من استمسك بهدي القرآن فإن عاقبته أن يكون من المتقين فاختصاصه بالمتقين لأنهم المهتدون به فعلاً والمنتفعون بما فيه حقيقة، وإن كانت دلالته عامة لكل ناظر من مسلم أو كافر؛ وبهذا الاعتبار قال تعالى {هدى للناس}.
     والهداية وردت على اربعة انواع:
         النوع الأول الهداية الغريزية:وهي المذكورة في قوله تعالى (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) طه50، فهذه هداية جعلها الله جل وعلا رحمة منه لكل مخلوق، هداه لما يصلحه، هداه لما قدر الله جل وعلا له في حياته , فهذه هداية طبعية؛ طبع عليها الخلق كاهتداء الدابة لضرع امها واهتداء الطائر لفراخه, فطيور البطريق مثلا تضع بيوضها على الشاطىء وتنزل للبحر بعشرات الآلاف ثم تعود كل واحد منها لفرخه وهكذا الحال مع الحشرات والهوام والزواحف,وقد جاء في الظلال‏ (رحم الله كاتبها ‏)‏ ما نصه‏:‏ لقد أتيا فرعون ـ والسياق لا يذكر كيف وصلا إليه ـ أتياه وربهما معهما يسمع ويرى ‏ فأية قوة وأي سلطان هذا الذي يتكلم به موسى وهارون‏ ,‏ كائنا فرعون ما كان‏ ,‏ ولقد أبلغاه ما أمرهما ربهما بتبليغه‏ ,‏ والمشهد هنا يبدأ بما دار بينه وبين موسى ـ عليه السلام ـ من حوار ‏:‏ " قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى‏ . قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى "‏ ‏إنه لا يريد أن يعترف بأن رب موسى وهارون هو ربه‏ ,‏ كما قالا له ‏: (إنا رسولا ربك‏)‏ فهو يسأل موجها الكلام إلى موسى لما بدا له أنه هو صاحب الدعوى ‏: (فمن ربكما يا موسي؟‏)‏ من ربكما الذي تتكلمان باسمه‏ ...‏؟
        فأما موسى ـ عليه السلام ـ فيرد بالصفة المبدعة المنشئة المدبرة من صفات الله تعالى ‏: قال ‏:‏ " قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ‏"‏ ربنا الذي وهب الوجود لكل موجود في الصورة التي أوجده بها وفطره عليها‏ ,‏ ثم هدى كل شيء إلى وظيفته التي خلقه لها‏ ,‏ وأمده بما يناسب هذه الوظيفة ويعينه عليها‏ ‏ و‏(‏ثم‏)‏ هنا ليست للتراخي الزمني‏ ,‏ فكل شيء مخلوق ومعه الاهتداء الطبيعي الفطري للوظيفة التي خلق لها‏ ,‏ وليس هناك افتراق زمني بين خلق المخلوق وخلق وظيفته‏ ,‏ إنما هو التراخي في الرتبة بين خلق الشيء واهتدائه إلى وظيفته‏ ,‏ فهداية كل شيء إلى وظيفته مرتبة أعلى من خلقه غفلا‏ .‏
         وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن‏ (حسنين محمد مخلوف العدوي ‏)‏ ما نصه‏: (أعطى كل شيء خلقه‏)‏ أي وهب كل شيء من الأشياء الأمر اللائق بما نيط به من الخواص والمنافع المطابق له‏ ,‏ كما أعطى العين الهيئة التي تطابق الإبصار‏ ,‏ والأذن الشكل الذي يوافق الاستماع‏ ,‏ وهكذا‏ .‏
النوع الثاني من الهداية : هداية الدلالة والبيان والإرشاد:
      فإن الله جل وعلا هدى الخلق، وأقام لهم البينات الواضحة التي لا يلتبس معها النظر ولا السلوك لذي العقل ولذي اللب، فأرشد جل وعلا وبين وهدى وعلم ودلّ، وذلك بإنزال كتبه وبإرسال الرسل لإقامة الحجة على العباد ولهدايتهم (يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ) المائدة16,    فإن هداية الدلالة والبيان لم تترك للاجتهاد، وإنما قد بينت وأوضحت لأن الله جل وعلا هو الهادي وقال في حق نبيه (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الشورى:52]، يعين هداية البيان والدلالة والإرشاد.
         وهذا يعني أن من ظنّ أو زعم أن هناك طريقا يوصل إلى الله جل وعلا ويهدي إلى الله دلالة وبيانا لم يرد في الكتاب ولا في السنة، في ضمن هذا المقال أنها لم تكن على وجه الكمال؛ كأن يقول القائل بأنه يمكن أن نهتدي إلى سبيل لم ينص عليه في القرآن والسنة، معنى ذلك أن هناك سبيل هداية لم يرشد الله عز وجل إليه العباد، وهذا ولاشك باطل ومناقض لما في التنزيل والسنة، إذ تنزيل القرآن كان لهداية الخلق، والله جل وعلا ما فرّط في الكتاب من شيء، وبيّن القرآن وهذا ليكون حجة كافية، وأعظم ما يؤخذ من القرآن العظيم ومن الرسالة هو سبيل الهداية وسبيل النجاة.
 لا يكفي أن يكون هناك حق لتحصل النجاة ، وإنما تحصل النجاة لو أرانا الله ذلك الحق أنه حقاً ، فكم من الناس والأمم جاءهم الحق من ربهم ولكن ٌطمست قلوبهم وعميت أبصارهم عنه فما رأوه حقاً واعتبروه باطلاً فنكروه بالكلية وحاربوه وعاندوا واستكبروا ، ( وَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ) (الزخرف 30 ) وقوله تعالى(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)الاعراف, فيتقرر بهذا أن سبيل النجاة وسبيل الهداية لابد أن يكون واضحا في القرآن وفي السنة أبلغ الوضوح وأعظم الوضوح وأظهره.
     فيرى الحق حقا والباطل باطلا فيرزقه الله اتباع الحق واجتناب الباطل ,أما إذا سلك طريقا آخر بتفريط منه لاجل مصلحة او هوى أو بتركه سبيل الحق بعد معرفته فإنه يوكل إلى نفسه والعياذ بالله فيرى الحق باطلا والباطل حقا ويحرم التوفيق والسداد والإلهام وصدق الله العظيم(ويحسبون انهم يحسنون صنعا)الكهف, وفي الدعاء المأثور: "اللهم أرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، واجعلنا للمتقين إماما " ابن كثير.
النوع الثالث من الهداية هداية التوفيق والإلهام:
وهذا النوع من الهداية مبتدؤه من العبد ومنتهاه من الله جل وعلا؛ يعني أن الله جل وعلا يمن بتوفيقه وبإلهامه وتسديده للعبد بسبب من العبد، قال الله جل وعلا (وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ) الأنفال:23، وهذا النوع من الهداية يأخذ في تحصيله وهو توفيق الله عزوجل وإلهامه وتسدديه يأخذ بسببه العبد إذا سلك السبيل والطريق الموصل ,
        لهذا فان ما عند الله جل وعلا إنما يطلب منه يعني امتثال ما أمر، ولا شك أن العبد إذا سلك سبيل الهداية راغبا، فإن التوفيق على الله, ووعد الله جل وعلا حق لا يخلف الله الميعاد، ولهذا كان من أسرار الدعاء العظيم الذي في الفاتحة قوله تعالى (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة:6-7]، هذا الصراط فُسّر بأنه الإسلام القرآن و السنة ، وقيل في السؤال في الاستشكال إن المصلي قد حصلت له الهداية، الهداية إلى الصراط والهداية إلى الصراط المستقيم هداية إلى أفراد ذلك الصراط.
        لهذا وصف ذلك الصراط بأنه صراط الذين أنعم الله عليهم فقال ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ) والذين أنعم الله عليهم هم الذين في سورة النساء يقوله جل وعلا (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيمًا) [النساء:69-70]، فدل على أن الهداية للصراط أخص -هذا الصراط المذكور في الفاتحة- أخص من الهداية إلى مطلق الإسلام والإيمان أو مطلق الالتزام بالقرآن والسنة.
إذن فنحن في أمس الحاجة فيما يقول شيخ الإسلام وابن القيم وجماعة العلماء إلى هذا الدعاء ?اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ? لأنه ما من زمن إلا والصوارف فيه على الالتزام بجميع أفراد الصراط المستقيم أكثر من الزمن الذي قبله، وهذا مأخوذ من قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ « عن الزبير بن عدي قال أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج فقال اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمانٌ إلا والذي بعده شرٌّ منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم {صلى الله عليه وسلم}الجمع بين الصحيحين, ذلك الشر يكون بكثرة الصوارف عن لزوم الصراط المستقيم، لهذا كانت الحاجة عظيمة إلى أن تسأل الله جل وعلا الهداية إلى الصراط المستقيم.
الهداية يعني الالتزام وتمامه حصول التوفيق من الله جل وعلا هو الذي يعنى به هذا النوع من الهداية وهو الهداية هداية التوفيق السداد والإلهام.
        إن التوفيق من الله جل وعلا، التوفيق من الله جل وعلا، ومعنى التوفيق أن لا يكل الله العبد لنفسه وأن يمده بعون خاص به يكون قوة له على الطاعة وصرفا لقلبه عما لا يرضاه الله جل وعلا.
    المقصود أن التوفيق إعانة خاصة من الله جل وعلا للعبد، هذه الإعانة هي هداية من الله جل وعلا، لو لم يعن الله جل علا عبده عليها لم حصل على الهداية لم لأن إبليس وجنده يرصدون العبد ويرصدون توجهاته ويرصدون سلوكه، وهم أحرص ما يكونون على صرفه.
فإذا كان معه عون من الله جل وعلا وتوفيق وتسديد كان قويا عليه، فإذا حُرم ذلك العون ذلك التسديد كانوا أقوى عليه من نفسه، ولذلك يكون أحوج ما يكون العبد إلى أن يهديه الله جل وعلا هداية التوفيق؛ لكن هذه مع أنها منة من الله جل وعلا وتفضل وتكرم؛ لكنها بسبب من العبد وهو أن يكون سالكا سبل الهداية, فعن كثير بن قيس قال كنت جالسا عند أبي الدرداء في مسجد دمشق فأتاه رجل فقال يا أبا الدرداء أتيتك من المدينة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث بلغني أنك تحدث به عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فما جاء بك تجارة قال لا قال ولا جاء بك غيره قال لا قال فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر. وعن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم  من سلك طريقا فيه يتلمس علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)
النوع الرابع من أنواع الهداية :
هو الذي جاء في هذه الآية، وهو أعظم أنواع الهداية وآخرها ونتيجتها ومحصَّلها، وهو هداية المؤمنين إلى طريق الجنة، هداية المؤمنين إلى سلوك سبيل الصراط في الآخرة، كما أنهم سلكوا السبيل والصراط في الدنيا فإنهم يُهدون إلى السبيل وإلى الصراط في الآخرة؛ لأنه بيننا وبين الصراط يعني يوم القيامة ظلمة، دون الجسر ظلمة، ويُهدى المؤمنون -يهديهم الله جل وعلا- إلى الصراط، كل بحسب عمله، وهذه خاتمة الهدايات بالنسبة لأهل الإيمان، يُهدون إلى سلوك الصراط وإلى نوع مشيهم وثباتهم وقوتهم على الصراط، وتعلمون أن من وصفه أنه أدق من الشعر وأحد من السيف وإنه مزلة، وهذا يشعره في أن السير عليه عسير إن لم يكن ثم مدد وتوفيق من الله جل وعلا، وهذا من أفراد هذه الهداية.
كذلك يهدى إلى طريق الجنة ويهدى إلى منزله، قال جل وعلا ?وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ? لأنهم قد قتلوا فإذن الهداية هنا ليست هداية الدنيا فإنما هي هداية الآخرة.
ويقابل ذلك في حق أهل النار قال جل وعلا ?فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ(23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ?[الصافات:23-24]، في سورة الصافات، يهدى أهل الجنة إلى الجنة ويهدى أهل النار إلى النار، وهذه ثمرة الهداية في الدنيا ثمرة من قبلها وثمرة من لم يقبلها.



  حديث رمضان 16
2018
جواد عبد المحسن



إرسال تعليق

0 تعليقات