مفهوم الـــــبر

مفهوم الـــــبر

بَرَّ: (فعل) يعني برَّ / برَّ بـ.., برَّ في ..., بَرَرْتُ انا ، يَبِرّ هو، ابْرِرْ ، بِرًّا وبُرورًا ، فهو بارّ وبَرّ ، والمفعول مَبْرور – للمتعدِّي.
برَّتِ اليمينُ : صدَقت برّت عينُه ، فعل مبرور : ما لا شبهة فيه ولا كذب ولا خيانة.
برَّ والِدَيْه : توسَّع في الإحسان إليهما ووصلَهما ورفق بهما وأحسن معاملتهما ، عكس عقَّ، وابن بار : مطيع ، يُحسن معاملة والديه عن حبّ.
برَّ اللهُ حجَّه: قَبِلَه وحج مبرور : لا يخالطه شيءٌ من المآثم ، برّ اللهُ قَسَمَه : أجابه إلى ما أقسم عليه. برَّ الشَّخصُ ربَّه: توسّع في طاعته برّ خالقَه: أطاعه، فعن النوَّاس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال (الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ) رواه مسلم.
برَّ في يمينه: وفّى بها ، صدق فيها برَّ بوعده, بَرَّ الشَّخصُ : صلَح ، ضدّ فجَر، برَّتِ السِّلعةُ : راجتْ، برَّ البيعُ : خَلا من الشّبهة والكذب والخيانة.
إن البِرُّ هو إِحْسانٌ ، طَّاعَةٌ ، فَضْلٌ ، صدق ، صلاح ، عطاء ، فهو كلمة جامعة لكلِّ صفات الخير كالتَّقوى والطَّاعة والصِّلة والصِّدق ، عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) متفق عليه.
في قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) البقرة.
قال الماورديُّ: (والبِرُّ نوعان: صِلَة، ومعروف. فأما الصلَة: فهي التَّبرع ببذل المال في الجهات المحدودة لغير عوض مطلوب، وهذا يبعث عليه سماحة النَّفس وسخاؤها، ويمنع منه شحُّها وإباؤها. قال الله تعالى: وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر: 9.
وأما النَّوع الثَّاني من البِرِّ فهو: المعروف، ويتنوع أيضا نوعين: قولًا وعملًا. فأما القول: فهو طيب الكلام، وحسن البِشْر، والتودُّد بجميل القول، وهذا يبعث عليه حسن الخلق، ورِقَّة الطبع، ويجب أن يكون محدودًا كالسَّخاء؛ فإنَّه إن أسرف فيه كان مَلَقًا مذمومًا، وإن توسط واقتصد فيه كان معروفًا، وبِرًّا محمودًا.
وأمَّا العمل: فهو بذل الجاه والمساعدة بالنَّفس، والمعونة في النَّائبة، وهذا يبعث عليه حبُّ الخير للنَّاس، وإيثار الصَّلاح لهم. وليس في هذه الأمور سَرَفٌ، ولا لغايتها حَدٌّ، بخلاف النَّوع الأوَّل؛ لأنَّها وإن كثرت فهي أفعال خير تعود بنفعين: نفع على فاعلها في اكتساب الأجر، وجميل الذِّكر، ونفع على المعان بها في التخفيف عنه، والمساعدة له).
إن البِرّ لفظةٌ تعمُّ جميع أعمال الإحسان، وتشمل كلَّ خصال الخير، وعلى هذا فللبر أشكال وصور كثيرة، لكنْ من أبرز صور البِرِّ والإحسان:
البِرُّ بالوالدين: قال الله تعالى مثنيًا على نبيه عيسى عليه السلام: وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا [مريم: 32]. وقال عن نبيه يحيى عليه السلام: وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا [مريم: 14]. وقرن بر الوالدين بتوحيده فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) [الإسراء].
إن العبادات الشكلية والانتماء الشكلي والعبادات التي هي أقرب إلى الطقوس منها إلى العبادات، حركات وسكنات تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم والقلب ساهٍ لاهٍ فهذه العبادات الشكلية وهذه الحركات والسكنات، وهذا الانتماء الشكلي عبَّر عنه الله سبحانه وتعالى فقال: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ﴾ سورة البقرة: 177، فليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن الإيمان ما وقر في القلب، وأقرَّ به اللسان وصدَّقه العمل.
إن من لوازم الإيمان بالله أن تؤمن بيوم الجزاء، قال تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ﴾ سورة البقرة: 177. هذا هو البر فبرُّ العقيدة أن تؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين، وبر العلم ان تعمل بما علمت بأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتأمر بالمعروف وان تنهى عن المنكر وأن تنفق مالك في الحلال على حبه، قال تعالى: ﴿وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا﴾ سورة البقرة: 177، روى حَمَّاد بْن سَلَمَة، قَالَ  أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَة قَالَ  قُلْت لِلشَّعْبِيِّ : إذَا زَكَّى الرَّجُل مَاله أَيَطِيبُ لَهُ مَاله ؟ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة: {لَيْسَ الْبِرّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهكُمْ قِبَل الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب} إلَى {وَآتَى الْمَال عَلَى حُبّه} إلَى آخِرهَا. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَة بِنْت قَيْس أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّه إنَّ لِي سَبْعِينَ مِثْقَالًا مِنْ ذَهَب، فَقَالَ: "اجْعَلِيهَا فِي قَرَابَتك".
ويقول الشعراوي رحمه الله مفسرا قوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} آل عمران: 92، وتعطينا كل هذه الآيات وضوح الفرق بين الملكية، وبين حب المملوك، فمن الممكن أن تكون لديك أشياء كثيرة أنت مالكها، ولكن ليس كل ما تملكه تحبه، فعندما تؤتي المال فمن المحتمل أن تكون قد نزعته من ملكيتك وأنت لا تحبه. وبذلك أخرجته من ملكيتك فقط، وإما أن تكون محبا للشيء الذي تعطيه لغيرك، وبذلك تكون قد أخرجته من ملكيتك، ومن حبك له.
وإما أن يكون المال الذي في يدك مجرد أداة لك ولغيرك وليس له مكانة في قلبك، وان تكون انت في يد مالك ولذلك يقول الشاعر:
لا أبالي توفير مالي لدهري .... منفقا فيه في رخاء وبأس
إن يكن في يدي وليس بقلبي .... فهو ملكي وليس يملك نفسي
إن قوله الحق: {وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ} تعطينا إما منزلة إخراجه من الملك وإما منزلة إخراجه من القلب الذي يحبه. ولذلك يعيب الحق على جماعة من الناس يريدون العمل على طاعة الله، لكنهم لا ينفقون لله إلا مما يكرهون ويقول الله في حقهم {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ}. ولكن لمن يكون ذلك المال الذي ينطبق عليه القول: {وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ } سورة البقرة: 177.
والحق سبحانه وتعالى يقول لهم: لا تجعلوا أمر الاتجاه إلى الكعبة هو كل البر؛ لأن هذا الأمر لا مشقة فيه؛ فلا مشقة في توجه المسلمين إلى الكعبة بعد أن كانوا متوجهين إلى بيت المقدس، إنما المسألة هي امتثال لأمر الآمر، فالبر إذن امتثال العبد لأمر ربه فيما امر طاعة وطواعية له بغض النظر عن حبنا او كرهنا او وجود نفع او عدمه، فالبر طاعة وتقوى والتزام سواء في الأمور السهلة التي لا مشقة فيها او ما فيها مشقة ، وما دام معناه متسعا هكذا فكل ناحية منه تحتاج إلى مشقة، والمشقة تظهر واضحة في الالتزام والتقيد بالافعال، عن رافع بن خديج قال: كُنَّا نُحَاقِلُ الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنُكْرِيهَا بِالثُّلُثِ ، وَالرُّبُعِ ، وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى ، فَجَاءَنَا ذَاتَ يَوْمٍ رَجُلٌ مَنْ عُمُومَتِي ، فَقَالَ: " نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا وَطَوَاعِيَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا ، نَهَانَا أَنْ نُحَاقِلَ بِالْأَرْضِ ، فَنُكْرِيَهَا عَلَى الثُّلُثِ ، وَالرُّبُعِ ، وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى ، وَأَمَرَ رَبَّ الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَهَا ، أَوْ يُزْرِعَهَا ، وَكَرِهَ كِرَاءَهَا وَمَا سِوَى ذَلِكَ) فالقضية طاعة لله ولرسوله.
عن علي قال: يا حملة العلم اعملوا به فإنما العالم من عمل، وسيكون قوم يحملون العلم يباهي بعضهم بعضاً حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره أولئك لا تصعد أعمالهم إلى السماء، وعن عبد الله بن مسعود قال: تعلموا فمن علم فليعمل. ويقول الزهري: لا يرضين الناس قول عالم لا يعمل ولا عامل لا يعلم. وقال أبو الدرداء: لا تكون عالماً حتى تكون متعلماً، ولا تكون بالعلم عالماً حتى تكون به عاملاً. وقال فضيل بن عياض: لا يزال العالم جاهلاً بما علم حتى يعمل به، فإذا عمل به كان عالماً.
قال مالك بن دينار: تلقى الرجل ولا يلحن في حرف، مستقيم من جهة اللغة العربية، وعمله كله لحن، كله انحراف، وقال داود الطائي: إن العلم آلة العمل فإذا أفنى عمره في جمعه فمتى يعمل؟ فالذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ *  كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ الصف: 3. وفي الحديث: " يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ، فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَفْزَعُ لَهُ أَهْلُ النَّارِ فَيَجْتَمِعُونَ لَهُ فَيَقُولُونَ لَهُ: يَا فُلَانُ، مَا لَقِيتَ؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟، قَالَ: بَلَى، كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَا أَنْتَهِي" صحيح البخاري.
وانظروا إلى مطلوب البر، ومتعلقات البر التي تتطلب منكم المشقة، ولا تختلفوا في المسألة السهلة اليسيرة التي لا يوجد فيها أدنى تعب مثل مسألة تغيير اتجاه القبلة، فإن كنتم تعتقدون أن ذلك هو البر نقول لكم: لا، البر له مسئوليات تختلف، إن مُتعلق البر هو أن يُختبر صدق الإيمان، ويظهر الإيثار لمطلوب الله على الراحة، ويتطلب من المؤمن أن يقبل على الطاعة وإن شقت عليه، ويتطلب أن يمتنع المسلم عن المعاصي؛ وأن يعرف أن للمعاصي لذة عاجلة، لكن عقابها كبير، كل ذلك هو من مطلوبات البر والإيمان، فلا تجعلوا مسألة التوجه إلى الكعبة أو إلى بيت المقدس، أو إلى المشرق هو المشكلة فيقول الحق: {وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ} سورة البقرة: 177.
إن الحصار والقتل الذي يعانيه المسلمون في الشام والعراق والموت جوعا فيهما واليوم في الفلوجة على وجه الخصوص لا تحتاج من العلماء مجرد الدعاء لهم ضمن ما يسمح به الحاكم (ولي الامر على فهمهم)، بل يتطلب منهم ما امرهم الله به لانهم ورثة الانبياء فهذا هو برهم المطلوب منهم والا والعياذ بالله شملهم حديث الحمار والرحى.

 حديث رمضان 15
جواد عبد المحسن


إرسال تعليق

0 تعليقات