هُوَ وحده


هُوَ  وحده

قوله تعالى:﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾الحشر
 اليهود لهم حصون منيعة  وهم أقوياء  ولهم دخول كبيرة ولهم بساتين وبحسب الحسابات الأرضية، والمعادلات الأرضية،وحين مقارنة قوتكم لقوتهم فلن تستطيعوا إخراجهم اذا قورنت القوة بالقوة ﴿مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا﴾.
 وهم ظنوا أن مانعتهم حصونهم من الله، أنتم رأيتم أنفسكم أقل من أن تخرجوهم، وهم يعتدّون بأنفسهم، ويعتقدون أنهم أولوا قوة وأولوا بأس شديد، ولن يستطيع أحد إن يزحزحهم، فكانت الصورة بين ظنين ظنكم  وظنهم وهذه آية نحتاجها وصدق الله العظيم(مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2)الحشر.
عن عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول (إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحدٍ يصرفه كيف يشاء ثم قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك) فقد تكون أقوى إنسان وقلبك بيد الله، يلقي في قلبك الرعب فتمسي اجبن خلق الله فعن جابر أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهرٍ) وأمته حينما تركت سنته، وتركت دينها، ولم تعتمد على الله، هزمت بالرعب مسيرة سنة على الاقل وهو نصر بالرعب مسيرة شهر فتمعن.
ان الخلل قد يحصل حين تتأثر النفس بالواقع الذي نعيشه فلا تسمح لهذا الواقع أن  يؤثر في قلبك  فمهما بدت لك المسافة كبيرة جداً في القوة والعتاد، والتكنولوجيا، والأسلحة الحديثة، والأقمار الصناعية، والطائرات النفاثة والصواريخ البعيدة المدى وغيرها فهي لا تخرج من دائرة ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ﴾ وأي جهة بالأرض الآن او بالامس او غدا تظن أن حصونها تمنعها من الله فهي متمردة وسنة الله ان يهلك كل متمرد عليه.
ان الآية قانون وسنة لله في خلقه وليس الحديث عن اليهود فقط بل عن كل إنسان ظن أن حصونه تمنعه من الله سواء حصون ماله او حصون قبيلته او حصون اولاده..... كل إنسان أعتد بقوته ونسي الجبار الأعلى، طغى وبغى ونسي المُبدأ والمعيد، ونسي الجبار الأعلى، وظن أن حصونه تمنعه من الله.
 فمن يقول ان المال يحل أي مشكلة وان  الدراهم مراهم، نسأله حين مرضه هل يستطع أن يحل هذه بالمال لا تقل أنا احل كل شيء، لا تقول أنا بل قل الله، إذا تفضل الله عليّ يحفظني إذا تفضل الله عليّ ينصرني إذا تفضل الله عليّ يوفقني، إذا كنت موحداً جاءتك معونة الله عز وجل ومن حيث لا تحتسب وهذه عقيدة.
﴿ ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ﴾( آل عمران 123 ) أذلة إلى الله، مفتقرون إليه، وانظر الثانية﴿ ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ﴾( التوبة: 25 ) ففي حياة كل واحد منا يوم بدره، ويوم حنينه فإذا كان في موقف التذلل الى الله عاش يوم بدره وامره الى الله واذا قال انا او قومي عاش يوم حنينه وامره الى الله فندعوا الله ( اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين).
﴿ هُوَ الَّذِي ﴾ هو لا أنتم، هو الله﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ وكثير غيرها من الآيات (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)البقرة.وقوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ) (7)آل عمران وقوله(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)الفتح وغيرها كثير فهو وحده ولا احد سواه.
  فلا ينبغي أن تر مع الله أحد ,فالتوحيد ألا ترى مع الله أحد  ﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا﴾
 بحسب الحسابات الأرضية و المعادلات فالالف اكثر واقوى من المئة وبحساب العقيدة فان المئة اقوى من الالف,واذا استعرضنا معرك الاسلام الفاصلة فاننا نرى ان المسلمين ما كانوا اكثر من اعدائهم في معركة واحدة بل كانوا عشرهم او اقل ونصرهم الله.ففي اليرموك كان عدد جيش المسلمين ست وثلاثون الفا وجيش الروم مئتان وخمسون الفا ,فضلا عن  العدة والعدد فلا يمكن مقارنتها ,وفي القادسية فقد كان تعداد الفرس120 ألف مقاتل من غير الأتباع, مع من كان يبعثهم يزدجرد مددا كل يوم بينما كان عدد المسلمين بضعة وثلاثين ألفا, ومع هذا كله انتصر المسلمون عليهم بعد أن قدموا 8500 شهيدا, وهو اكبر عدد من الشهداء قدمه المسلمون في معاركهم في الفتوح الإسلامية الأولى.....
﴿مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا﴾أنتم وهم.
﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2) فاذا كنا مع الله فما من قوي، ومع الله فما من ذكي، ومع الله فما من  تكنلوجيا، وما من أقمار صناعية او صواريخ.
قال المعسكر الشرقي ان عنده قنابل ذرية تكفي لتدمير العالم خمس مرات، العالم كله، تهاوى كبيت العنكبوت من الداخل, يوم وقع الخراب في المفاعل تشيرنوبل دمرهم الله من الداخل بقوتهم التي كانوا يتفاخرون بها.
﴿ وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ﴾أمره هو لتشيرنوبل.وصدق الله العظيم (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)يونس,وختم الله السورة بثلاث آيات (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)
وحده ولا ينبغي لنا ان نرى مع الله أحد.

 حديث رمضان 16
2018
جواد عبد المحسن



إرسال تعليق

0 تعليقات