لباس الشهرة




لباس الشهرة

لقد جاء النهي عن طلب الشهرة ومظاهرها لانها خادعة للنفس موهمة لها موقغة لصاحبها في الفتن وسالكة به دروب المعاصي ومهاوي الردى.. ولما كان الشرع يعالج الأمور قبل وقوعها ويحتاط للنفس ليبقيها دوما في بر الأمان وشاطيء السلامة
فقد حرم الشرع لباس الشهرة لما فيه من التميز عن الناس والتفاخر عليهم ومن أدلة تحريمه:- قال تعالى: { وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} (37: الإسراء) .قال ابن كثير رحمه الله: "وقوله تعالى: { وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا } أي: بتمايلك وفخرك وإعجابك بنفسك، بل يجازى فاعل ذلك بنقيض قصده.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: (( من لبس لباس شهرة في الدنيا البسه الله ثوب مذلة يوم القيامة, ثم ألهب فيه نارا)) (رواه أبو داود، وابن ماجة، وأحمد وغيرهم). كما ثبت في الصحيح: (( بينما رجل يمشي فيمن كان قبلكم، وعليه بُرْدَان يتبختر فيهما، إذ خُسِف به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة)) رواه البخاري.
و لباس الشهرة: وهو كل لباس قصد به لابسه التميز عن عامة الناس في مجتمعه، وأصبح مشهوراً يشار إليه، سواء كان ذلك في لونه أو في شكله أو في نوعه أو في نفاسته أو خسته. ( انظر الفروع لابن مفلح:1 /.
وقال ابن تيمية رحمه الله: "وتكره الشهرة من الثياب، وهو المرتفع الخارج عن العادة، والمنخفض الخارج عن العادة، فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين، المرتفع و المنخفض ". (الفتاوى: 22/183) .وقد جاءت السنة المطهرة بمدح من تخلى عن الخيلاء والكبر والزهو فقد سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الناس أفضل؟ فقال: ((كلُّ مخمومِ القلب، صدوقِ اللسان)). وهو حديث صحيح، رواه الإمام ابن ماجه في سننه ، في كتاب الزهد، باب الورع والتقوى، عن الصحابي الحَبْر العابد الجليل :-عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وله تتمة: قالوا: صدوقُ اللسانِ نعرفه، فما مخمومُ القلب؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "هو التَّقيّ النَّقيّ، لا إثمَ فيه ولا بَغْي، ولا غِلّ ولا حَسَد".
ولا تخفى شناعة وبشاعة الكذب في القول والعمل،وفي المسلك والتصرف، وهو من أخبث الصفات وأدلِّها على اهتزاز ثقة الإنسان بنفسه أو توسُّله بالكذب لفعل الشرّ أو للتعالي على الناس أو للخداع الكاذب لإظهار ما ليس فيه كما في الصحيحين:- ((المتشبِّع بما لم يُعطَ كلابس ثوبَيْ زُور))!!
أجارنا الله واياكم من وَسَخ القلوب وكَذِب الألسن وسوء الفعال والمقال، وحِفَظنا بما يحفظ به قلوبَ وأَلْسُن عبادِهِ الصالحين. إنه أكرم الأكرمين.


جواد عبد المحسن
كتاب حديث رمضان 17

إرسال تعليق

0 تعليقات