الحسنة والسيئة
قال تعالى:
(مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن
نَّفْسِكَ ) النساء
: 79 .
والمراد
بالحسنة - هنا : منفعة الدنيا ، من صحة البدن ، وحصول الخِصْب والغنيمة ، والاستيلاء
على الأعداء ، وحصول الألْفَة والمحبة بين المؤمنين .
والمراد
بالسيِّئَة : اضدادها ، والسيئة : من ساء الشيء يَسيءُ فهو سيِّءٌ ، والأنْثَى سيئة ، ومنه قوله تعالى
( سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ ) المائدة : 66 ، و السوء ضد الحسن ، وهذه الآية من تمام
وَصْف المنافقين .
قال أبو
العباس في كتاب اللباب في علوم الكتاب: وردت الحسنةُ على خمسةِ أوجُه :
الأول
: بمعنى : النصر والظفَر ، قال تعالى : ( إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ
) آل عمران : 120 ، أي : نَصْر
وَظفَر .
الثاني
: بمعنى : التوحيد ، قال تعالى : ( مَن جَآءَ
بالْحَسَنَةِ ) الأنعام : 160 أي : بالتوحيد .
الثالث
: الرَّخَاء : قال تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ
اللَّهِ) النساء : 78 ، أي : رخاء .
الرابع
: بمعنى : العاقبة ، قال تعالى: ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ)
الرعد : 6 ، أي بالعذاب قبل العاقبةِ .
الخامس
: القول بالمعروف ، قال تعالى : ( وَيَدْرَءُونَ بالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ) الرعد
: 22 ، أي : بالقول
المعروف .
والسيئة
- أيضاً - على خمسة أوجه :
الأول
: بمعنى : الهزيمة - كما تقدم - كقوله : ( وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ
بِهَا) آل عمران : 120 ، أي :
هزيمة .
الثاني
: الشرك ، قال تعالى : (وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا
وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160) قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي
إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) الأنعام ، أي : بالشرك .
الثالث
: القحط ، قال تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ
اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ
عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا)
النساء 78 ، أي : قحط ، ومثله قوله : (
وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ ) الأعراف
: 131 .
الرابع
: العذاب ، قال تعالى: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ
وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ
عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ) الرعد : 6 .
الخامس:
القول الرديء،قال تعالى: (وَيَدْرَءُونَ بالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ )الرعد:22.
عن جابر
بن عبد الله قال : جعل المنافقون الذين تخلفوا بالمدينة يخبرون عن النبي - صلى الله
عليه وسلم- اخبار السوء يقولون ان محمداً واصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا فبلغهم
تكذيب حديثهم وعافية النبي -صلى الله عليه وسلم- واصحابه فساءهم ذلك فأنزل - الله تعالى
- في ذلك الأيات.
حديث رمضان 11
جواد عبد المحسن
0 تعليقات