المادية
المجرة NGC 441 هي نموذج لمجرة حلزونية, تبعد
62 مليون سنة ضوئية عن كوكب
الأرض وقطرها 56 ألف سنة ضوئية، وتقع في الهلبة (كوكبة) Coma المصدر:مرقاب هابل, ناسا/ وكالة الفضاء الأمريكية.
ومجرتنا اسمها مجرة درب التبانة أو الطريق
اللبني، والتي يوجد فيها أكثر من مائتي مليار من النجوم، ويقدِر العلماء قطرها بحوالي
100 ألف سنة ضوئية، وتحوي الكثير من التجمعات النجمية، بما فيها المجموعة الشمسية،
والتي ينتمي إليها كوكبنا كوكب الأرض. وتضم أيضا نجوما تدور فيها بسرعة تزيد عن
300 كيلومتر في الثانية.    
اما الطرح الجديد الذي طرحه الاشتراكيون
بأزلية المادة وأبديته اوان لا موجد لهذا الكون من عدم:     
فيعرف «لينين» المادة بقوله: (هي مقولة
فلسفية تخدم في تعيين الواقع الموضوعي المعطى للإنسان في إحساساته التي تنسخه، تصوره،
تعكسه، والموجود بصورة مستقلة عن الإحساسات).
وبناءً
على هذا التعريف الذي يعتبر المادة شاملة لجميع مفاهيم الأشياء كالورد والشجر، والبيت
ونحوها - إذ كلها مفاهيم - تكتسب المادة خاصية السبق على الإدراك والتأثير فيه، وبما
أن الفلسفة تدرس المفاهيم شاملة إلى أقصى حدٍّ، أُطلق على هذه الدراسة مقولة فلسفية،
وبما أن المادة تدرس المفاهيم شاملة إلى أقصى حدٍّ، فهي إذن على هذا الأساس مقولة فلسفية،
ووظيفتها: تعيين الواقع الموضوعي؛ أي: الواقع المادّي الموجود خارج الإدراك، وهو المؤثر
في أعضاء حواس الإنسان وإثارة إحساساته.
إذن: فالفكر
انعكاس للمادة الواقعة على الدماغ، وهو يفكر في المادة التي تعكس عليه، وقبل انعكاس
المادة على الدماغ لا يوجد فكر، فالمادة إذن تسبق الفكر عنده.
بعد أن
عرفنا المادة وأنها سابقة - حسب قولهم - في الوجود على الفكر، أذكر هنا رأيهم في أزلية
المادة وأبديتها.
يقول الماديون:
(وبالتالي فليس للكون نهاية ولا حدود، العالم أبدي وليس له أي (بداية) ولن يكون له
أيّ (نهاية)، ومن هنا، فأيَّ عالم غيبي، غير مادي، غير موجود، ولا يمكن أن يوجد).
وفي واقع
الأمر أنه إذا لم يوجد شيء غير المادة، فلا يوجد غير عالم مادّي واحد، وهذا يعني أنه
عند وجود الأشياء والظواهر المختلفة في العالم المحيط بنا، هناك خاصية واحدة توحدها،
هي: ماديتها).
إذن، فلا
يوجد شيء - على حدِّ تعبيرهم - غير العالم المادي، ولا يمكن أن يوجد عالم روحي أو يوم
آخر(يوم القيامة)، كما جاءت به الأديان، فالإنسان، في نظرهم نتاج المادة فقط، فالمادة
هي الخالقة، ولها خصائص الخالق، وليس هناك عالم غيبي؛ لأن العالم محصور فيما تدركه
الحواس، ولم يكتفوا بإنكار وجود الله سبحانه وتعالى، بل صرَّحوا بأن الله من إبداع
الإنسان، وأن المشكلة ليست هي مشكلة وجوده سبحانه، بل هي مشكلة فكرة وجوده.
إذن، مبدؤهم
الذي ينطلقون منه: أن الله لا نفع فيه، وإثارة النقاش حول وجوده لا طائل تحته، إذ لديهم
فكرة لا تتغير؛ وهي: أن ما وراء الكون المادي وهمٌ وهُراءٌ.
فهذه المادة
هي كل شيء، ترد بمعنى الطبيعة، كما أن الطبيعة ترد بمعنى المادة.
وأما قولهم
بأبدية المادة فيعللون لها بقولهم: (إن في الطبيعة لا ينشأ شيء من لا شيء، ولا يختفي
أبدًا بلا أثر، وإذا كان الأمر كذلك فإن المادة أو الطبيعة قد وجدت دائمًا، لأننا إذا
سلمنا بأنه في وقت من الأوقات لم يكن هناك شيء في العالم، أي لم تكن توجد مادة، فمن
أين لها أن تنشأ؟ ولكن ما أن توجد المادة فهذا يعني أنها لم تنشأ في أي وقت من الأوقات،
بل وجدت دائمًا، وستوجد دائمًا فهي أبدية وخالدة؛ ولهذا لم يمكن أن تُخلق، فلا يمكن
أن يخلق ما لا يمكن إفناؤه، وبذلك فالمادة لم تنشأ أبدًا، بل وجدت دائمًا وستوجد دائمًا
فهي أبدية).
إذن، فالمادة
أبدية خالدة، لم تنشأ من العدم؛ لأنه لا يمكن أن يخلق ما لا يمكن إفناؤه؛ ولهذا لا
يجوز السؤال عن بداية المادة ونهايتها؛ لأن آثارها واضحة ومشاهدة، والحركة كذلك محال
خلقها وإفناؤها؛ لأنه صنعة المادة.
يقول «انجلز»:
(المادة من دون حركة، أمر غير معقول، بقدر ما هي الحركة من دون المادة، وإذن فالحركة
محال خلقها وإفناؤها قدر ما هو محال ذلك بالنسبة للمادة نفسها).
الردود
على هذه الشبهة:
قبل البدء
في الردِّ عليهم أورد هنا الأساس الفكري لهذه الفكرة المادية، فإن الأساس الفكري لهذه
الفكرة المادية التي نشأت منها الشيوعية هو حصر نطاق المعرفة في المادة وحدها.
وهذا الفكر
وإن كان نشأ ونما في أوروبا فيما بعد القرن السابع عشر، إلاَّ أنه قديم في البشرية
قدم الآفات والانحرافات فيها، ويعتبر امتدادًا لفكرة هؤلاء الماديين أو الدهريين الذين
أنكروا البعث قديمًا ونسبوا الموت للدهر بدلاً من الله... كما أشار إلى ذلك القرآن
الكريم: { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا
يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ } 24 الشورى .
كذلك أعداء
الرسالات أغلبهم مادّيون، ولذلك تراهم يتطاولون بالمادة وينكرون البعث واليوم الآخر
ويرون الجزاء للإنسان قاصرًا على متع الحياة الدنيا... يقول سبحانه وتعالى: { وَمَا
أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم
بِهِ كَافِرُونَ * وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا وَمَا نَحْنُ
بِمُعَذَّبِينَ}سبأ34،وقوله تعالى {أَيَعِدُكُمْ
أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ
هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا
وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}37 المؤمنون.
كما يحكي
القرآن مقالة الماديين لدى ظهور الإسلام: { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى
تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ
وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء
كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً
* أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ
لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ}الاسراء
93.
وقد بيَّن
القرآن أن هذا الذي طلبه الماديون في شأن التصديق بالرسالة الخاتمة ليس غريبًا، ولا
غير معهود في تاريخ البشرية، وإنما هو أمر تكرر على عهد الرسالات السابقة: { وَقَالَ
الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ
قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ }البقرة
118؛ أي: أشبهت
قلوب مشركي العرب قلوب من تقدمهم في الكفر والعناد.وقوله تعالى:{يَسْأَلُكَ أَهْلُ
الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى
أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللهِ جَهْرَةً}النساء153 وقوله تعالى{
كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ
أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}الذاريات53، فتشابهت
قلوبهم، وقال متأخروهم بما قال به متقدموهم.
فالظاهرة
العامة لهم هي الركون إلى المادة، وإنكار ما وراء المحسوس المشاهد، ولا يعرفون غيرها
في مجال الإقناع والاقتناع.
ولكنَّ
هناك فروق بين الإلحاد القديم والحديث، من أهمها ما يلي:
أولاً:
أن الإلحاد بمعنى: إنكار وجود الله أصلاً - وهو أبرز ما في الاتجاه المادي الحديث عمومًا
- لم يكن ظاهرة منتشرة متفشية في القديم، وإنما الذي كان شائعًا هو الشرك بمعنى منح
خصائص الإلوهية لغير الله عز وجل، وإشراك آلهة مزعومة معه سبحانه.
صحيح أن
الملاحدة الدهرية كان لهم وجود منذ القدم - كما أُشير من قبل ولكن هؤلاء كانوا شرذمة
قليلين ومع اختلاف آرائهم في هذا الجانب، فإنهم كانوا على طائفتين كما ورد في كتاب
شبهات وردود للعلامه سامي البدري:
الأولى:
الفلاسفة الدهرية الإلهية، القائلون بقدم العالم، وكان من مقدمتهم أرسطو، وأتباعه،
فهؤلاء لم يكونوا يقولون: بأن المادة هي الخالقة، بل كانوا يثبتون للعالم علة يتشبه
بها.
الثانية:
الفلاسفة الدهرية الملاحدة أو الطبيعية، القائلون بما ذكر الله عنهم بقولهم: {مَا
هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} فهؤلاء يشبهون في بعض الجوانب
الشيوعيين في العصر الحاضر، وقد ردَّ الله عليهم في هذا القول بقوله: {وَمَا لَهُم
بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} الشورى24؛ أي:
(يتوهمون ويتخيلون)، فقولهم هذا ما كان مستندًا إلى علم أو يقين، بل كان عن ظن وتخمين.
ولكن الشيوعية
الحديثة وإن كانت تشبه أفكارهم في جانب الإلحاد معهم إلاَّ أنها تختلف معها في بعض
الجوانب - كما يأتي 
ثانيًا
: الإلحاد في هذا الزمن هو إنكار وجود الله أصلاً، انتشر في العصور الحديثة انتشارًا
واسعًا في دول أوروبا بصورة ملفتة للنظر، وأصبح له حكومات تحرسه، ودول تحميه، بل لقد
غزا بلاد الإسلام حتى قام في ربوعها ناعقون يرددون سفاهاته وينشرون ضلالاته.
     ثالثًا: إن إلحاد هذا الزمان يضرب بسيف من العلم،
ويزعم بأنه يقوم على سند من العلم وتأييد من البحث، وذلك أن الصفة التي تتصف بها المادية
قديمًا وحديثًا هي أن الماديين يتصورون أن المادة حقائق محسوسة ملموسة وليست فروضًا
وراء الحس... والنظرة العلمية في تصورهم هي ما تخضع للبحث التجريبي، وما لا يخضع للبحث
التجريبي لا يسمّى علميًّا في نظرهم، ومن ثَمَّ أبعدوا مفاهيم الدِّين والغيب من مجال
البحث العلمي حيث لا يقوم عليها دليل عندهم، ووصل الأمر أن أصبح الدين في حسِّ كثير
من العلماء الأوروبيين مثلاً للخرافة، وصاروا يدفعون عقيدة الإيمان بالله بحجة أن العلم
يأباها،.. وشنّوا حملة ضد الإيمان عامة وضدّ الإسلام خاصة... بل بلغ الأمر إلى أن أصبحت
هذه الآراء والأفكار الملحدة تدرس في كثير من جامعات العالم الإسلامي تارة باسم الفلسفة،
وتارة باسم الايدلوجيه.
حديث رمضان 11
جواد عبد المحسن

 
0 تعليقات