هجر القرآن

هجر القرآن

في قول الله عزوجل{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُواهَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان:30] هناك من يكتفي بالقراءة دون تدبر ودون العمل، هل يعتبر من يكتفي بالقراءة فقط ممن هجر القرآن الكريم؟ان هجر القرآن أنواع، هجر سماعه والإيمان به وهجر العمل به وهجر تحكيمة وهجر تدبره وهجر الاستشفاء به في أمراض القلوب والأبدان وكل هذا داخل في قول الله تعالى: { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً } [الفرقان: 30].                           
    و قال ابن القيم هجر القرآن على خمسة أدرب:
1: الذي لا يقرأ القرآن قطعاً قد هجره .
2: الثاني قال: الذي لا يحكم القرآن هجره, فالقرآن الكريم مليء بالآيات الدالة على أن الغرض الأساسي من نزوله إنما هو العمل بما جاء فيه،في قوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الأنعام:155) قال أهل التفسير: أي فاجعلوه إماماً لكم تتبعونه، وتعملون بما فيه من الأحكام. وقوله تعالى في الآية نفسها: {واتقوا} أي: احذروا الله في أنفسكم أن تضيِّعوا العمل بما فيه، وتتعدوا حدوده وتستحلوا محارمه. وفي الحديث الذي رواه البخاري و مسلم ذمٌّ لبعض الأقوام الذين (يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم) فليس لهم منه إلا حظ القراءة والتلاوة فحسب، أما العمل بما فيه فهم عنه معرضون. وفي "صحيح مسلم" أيضاً أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن: (القرآن حجة لك أو عليك) أي: إن الانتفاع بالقرآن الكريم إنما يحصل إذا تمت تلاوته والعمل بما فيه، أما إذا لم يكن الأمر كذلك فهو حجة على قارئه يوم القيامة. وعند مسلم أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يؤتى بالقرآن يوم القيامة، وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجَّان عن صاحبهما) وفي رواية للترمذي (تجادلان) .وهذا الامر على مستوى دولة أو على مستوى فرد في المعاملات او العقود, فلا معنى أن الإنسان يقرأ القرآن ولا ينفذه.
     3: قال الثالث الذي لا يعمل بالقرآن قد هجر القرآن ولنا ان نسأل: ما الفرق بين الذي يعمل و لا يحكم القرآن؟ فالتحكيم يختلف عن العمل، فالعمل يكون في الصلاة وفي الزكاة وفي علاقتك مع الله ومع نفسك أما التحكيم فهو في الحقوق والواجبات تجاه الغيروفرق بينهما .
        4:النوع الرابع عدم الاستشفاء بالقرآن و آيات الشفاء في الكتاب الكريم ستة كما يلي : 1 : قوله تعالى : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ) . [التوبة : 14] . 2 : قوله تعالى : ( يا آيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاءٌ لما في الصدور وهدًى ورحمة للمؤمنين ). [يونس : 57] . 3 : قوله تعالى : ( ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذُللا يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ). [النحل : 69] . 4 : قوله تعالى: ( وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلاّ خساراً ) . [الإسراء : 82]. 5 : قوله تعالى : ( والذي هو يطعمني ويسقين ، وإذا مرضت فهو يشفين ) . [الشعراء : 80]. 6 : قوله تعالى : ( ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أأعجميٌ وعربي ، قل هو للذين آمنوا هُدى وشفاء ، والذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمىٌ ، أولئك ينادون من مكان بعيد ). [فصلت : 44]. والله اعلم فالرسول صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل بالقرآن.
(( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ))( الشعراء : 80 ) والمرض نوعان مرض القلوب ومرض الأبدان, والغالبية العظمى من البشر يجزع عند مرض البدن له أو لعزيزعليه والاستشفاء بالقرآن لا بد\ ان يتقبله المؤمن ويقيل عليه معتقدا ان الله شافيه, فعن أبي سعيد قال جاء رجلٌ إلى النبي {صلى الله عليه وسلم} فقال إن أخي استطلق بطنه فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اسقه عسلاً فسقاه ثم جاءه فقال إني سقيته عسلاً ولم يزده إلا استطلاقاً فقال له ثلاث مرات ثم جاء الرابعة فقال اسقه عسلاً فقال لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} صدق الله وكذب بطن أخيك فسقاه فبرأ. عن أيوب الطائي عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء إلا السام فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر)السنن الكبرى. "إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم أو شربة من عسل أو لدغة بنار توافق داء وما أحب أن أكتوي"اخرجه البخاري ومسلم.
ومرض القلوب نوعان : مرض شبهة وشك ، ومرض شهوة وغي ، وكلاهما في القرآن قال تعالى في مرض الشبهة : ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ) [ البقرة : 10]وقال تعالى : ( وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا ) [ المدثر :31] وقال تعالى في حق من دعي إلى تحكيم القرآن والسنة فأبى وأعرض : ( وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون )[ النور : 48 و 49] فهذا مرض الشبهات والشكوك .
وأما مرض الشهوات ، فقال تعالى ( يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) [ الأحزاب : 32] فهذا مرض الشهوة.
  وعلاج كلا المرضين في القرآن بالاعتقاد الجازم ان الله هو الشافي وانه وحده القادر على ذلك ولا بد من الاخذ بالاسباب والتضرع الى الله وحسن الظن به

جواد عبد المحسن 

حديث رمضان - 12 

إرسال تعليق

0 تعليقات