مسجد التقوى والمسجد الضرار

مسجد التقوى والمسجد الضرار

ان من أعجب ما تفتقت عنه حيل المنافقين في مكرهم وكيدهم للإسلام والمسلمين بالمدينة المنورة، أن يبنوا مسجدا يلتقون فيه تحت ستار العبادة ورغبتهم في الخير، حيث ذهبوا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو في طريقه إلى غزوة تبوك ليصلي بهم فيه، فاعتذر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأرجأ ذلك لحين عودته وفي أثناء عودة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المدينة راجعا من تبوك نزلت عليه هذه الآيات: { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ(107)}.سورة التوبة.
    قال القرطبى:     ونزلت الآية فيما روي في أبو عامر الراهب؛ لأنه كان خرج إلى قيصر وتنصر ووعدهم قيصر أنه سيأتيهم، فبنوا مسجد الضرار يرصدون مجيئه فيه؛...وقال أهل التفسير: إن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء وبعثوا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم فأتاهم فصلى فيه؛ فحسدهم إخوانهم بنو غنم بن عوف وقالوا: نبني مسجدا ونبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يأتينا فيصلي لنا كما صلى في مسجد إخواننا، ويصلي فيه أبو عامر إذا قدم من الشام؛ فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا: يا رسول الله، قد بنينا مسجدا     لذي الحاجة، والعلة والليلة المطيرة، ونحب أن تصلي لنا فيه وتدعو بالبركة؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إني على سفر وحال شغل فلو قدمنا لأتيناكم وصلينا لكم فيه) فلما أنصرف النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك أتوه وقد فرغوا منه وصلوا فيه الجمعة والسبت والأحد، فدعا بقميصه ليلبسه ويأتيهم فنزل عليه القرآن بخبر مسجد الضرار؛ فدعا النبي صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن السكن ووحشيا قاتل حمزة، فقال: (انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه) فخرجوا مسرعين، وأخرج مالك بن الدخشم من منزله شعلة نار، ونهضوا فأحرقوا المسجد وهدموه،...وقال عكرمة: سأل عمر بن الخطاب رجلا منهم بماذا أعنت في هذا المسجد؟ فقال: أعنت فيه بسارية. فقال: أبشر بها سارية في عنقك من نار جهنم.
    قوله تعالى: "ضرارا" المعنى ضرارا بالمسجد، وليس للمسجد ضرار، إنما هو لأهله.... قال بعض العلماء: الضرر: الذي لك به منفعة وعلى جارك فيه مضرة. والضرار: الذي ليس لك فيه منفعة وعلى جارك فيه المضرة.... قال علماؤنا: وكل مسجد بني على ضرار أو رياء وسمعة فهو في حكم مسجد الضرار لا تجوز الصلاة فيه...وقال النقاش: يلزم من هذا ألا يصلي في كنيسة ونحوها؛ لأنها بنيت على شر.... ولكن قد أجمع العلماء على أن من صلى في كنيسة أو بيعة على موضع طاهر أن صلاته ماضية جائزة. وقد ذكر البخاري أن ابن عباس كان يصلي في البيعة إذا لم يكن فيها تماثيل.
    قال القرطبى: قال علماؤنا رحمة الله عليهم: وإذا كان المسجد الذي يتخذ للعبادة وحض الشرع على بنائه فقال: (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة) يهدم وينزع إذا كان فيه ضرر بغيره، فما ظنك بسواه بل هو أحرى أن يزال ويهدم حتى لا يدخل ضرر على الأقدم... قال علماؤنا: لا يجوز أن يبني مسجد إلى جنب مسجد، ويجب هدمه؛ والمنع من بنائه لئلا ينصرف أهل المسجد الأول فيبقى شاغرا، إلا أن تكون المحلة كبيرة فلا يكفي أهلها مسجد واحد فيبنى حينئذ.
   والمسجد الضرار لابد فيه من شروط ثلاثة:
    1- (أن يكون قد أقيم على الكفر والضلال) لقوله تعالى: "وكفرا": أي بالنبي صلى الله عليه وسلم وبما جاء به.
    2- ( الغرض منه تفريق المؤمنين وشق صفهم وتفتيت جمعهم وتقليل جماعتهم وسوادهم) لقوله تعالى: " وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ "107 التوبة أي يفرقون به جماعتهم ليتخلف أقوام عن النبي صلى الله عليه وسلم...لأنهم كانوا يصلون جميعا في مسجد قباء.... وهذا يدلك على أن المقصد الأكبر والغرض الأظهر من وضع الجماعة تأليف القلوب والكلمة على الطاعة، وعقد الذمام والحرمة بفعل الديانة حتى يقع الأنس بالمخالطة، وتصفو القلوب من وضر الأحقاد.... وتفطن مالك رحمه الله من هذه الآية فقال: لا تصلي جماعتان في مسجد واحد بإمامين؛ خلافا لسائر العلماء.... وقد روي عن الشافعي المنع؛ حيث كان تشتيتا للكلمة وإبطالا لهذه الحكمة وذريعة إلى أن نقول: من يريد الانفراد عن الجماعة كان له عذر فيقيم جماعته ويقدم إمامته فيقع الخلاف ويبطل النظام،
    3- (أن يكون مجمعا لأهل محاربة الله ورسوله وتضليل المؤمنين وإبعادهم عن دينهم الحق) لقوله تعالى: "وإرصادا لمن حارب الله ورسوله"التوبة107: يعني أبا عامر الراهب؛ وسمي بذلك لأنه كان يتعبد ويلتمس العلم فمات كافرا بقنسرين بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كان قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم؛ فلم يزل يقاتله إلى يوم حنين. فلما انهزمت هوازن خرج إلى الورم يستنصر، وأرسل إلى المنافقين وقال: استعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح، وابنوا مسجدا فإني ذاهب إلى قيصر فآت بجند من الروم لأخرج محمدا من المدينة؛ فبنوا مسجد الضرار. وأبو عامر هذا هو والد حنظلة غسيل الملائكة وصيفي وأخيه، وكان هؤلاء الثلاثة من خيار المسلمين... والإرصاد: الانتظار؛ تقول: أرصدت كذا إذا أعددته مرتقبا له به.
    قوله تعالى: {من قبل} يعني من قبل بنائهم ذلك المسجد. وذلك أن أبا عامر هو الذي كان حزب الأحزاب، يعني حزب الأحزاب لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما خذله الله، لحق بالروم يطلب النصر من ملكهم على نبي الله، وكتب إلى أهل مسجد الضرار يأمرهم ببناء المسجد الذي كانوا بنوه فيما ذكر عنه ليصلي فيه فيما يزعم إذا رجع إليهم؛ ففعلوا ذلك. وهذا معنى قول الله جل ثناؤه: {وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل} التوبة 107
   مسجد التقوى:
   قال تعالى: { لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ(108)} سورة التوبة.
    قال القرطبى: قوله تعالى: "لا تقم فيه أبدا" يعني مسجد الضرار؛ أي لا تقم فيه للصلاة. وقد يعبر عن الصلاة بالقيام؛ يقال: فلان يقوم الليل أي يصلي؛ ومنه الحديث الصحيح: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه). أخرجه البخاري.... وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية كان لا يمر بالطريق التي فيها المسجد، وأمر بموضعه أن يتخذ كناسة تلقى فيها الجيف والأقذار والقمامات.
    قوله تعالى: "أبدا" ظرف زمان. وظرف الزمان على قسمين: ظرف مقدر كاليوم، وظرف مبهم كالحين والوقت؛ والأبد من هذا القسم، وكذلك الدهر.... وهنا مسألة أصولية، وهي أن "أبدا" وإن كانت ظرفا مبهما لا عموم فيه ولكنه إذا اتصل بلا النافية أفاد العموم، فلو قال: لا تقم، لكفي في الانكفاف المطلق. فإذا قال: "أبدا" فكأنه قال في وقت من الأوقات ولا في حين من الأحيان.
      لقد سلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع المنافقين الذين يتظاهرون بالإسلام طريق اللين والإغضاء، يقبل منهم أعذارهم على ضعفها وكذبها، فإذا وقع أحدهم في خيانة ربما تهدر دمه، تجاوز عنه حتى لا يقال: إن محمدا يقتل أصحابه، وما هم من صحبته في شيء، ولكن هكذا ربما يقول الناس .. ولو كان في هؤلاء المنافقين خير لأسرهم هذا الحلم والعفو والخلق النبوي، ولأقبلوا على الإسلام، غير أن هذا الأسلوب الكريم من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يزدهم إلا جرأة على نفاقهم وباطلهم، ومن ثم لم يبق بد من كشف خبثهم ومؤامراتهم .
وفي قصة مسجد الضرار ظهر أن الكفر كله ملة واحدة، والكافرون أولياء بعض، وقد تبين هذا في موقف أبي عامر الفاسق، إذ غضب غضبا شديدا، وتألم لهزيمة المشركين في بدر، فأعلن عداءه للرسول، وتوجه إلى مكة يحث أهلها على قتال المسلمين، وخرج مقاتلا معهم في أحد، وحاول تفتيت الصف الإسلامي، ثم ذهب إلى هرقل ملك الروم ليتحالف معه ويتقوى به، وصدق الله تعالى: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (الأنفال: من الآية73) .
وهكذا حاول المنافقون ـ كعادتهم ـ الكيد والـتآمر على الإسلام والمسلمين ببنائهم لهذا المسجد، لأسباب مقنعة في الظاهر ـ من التيسير على ضعفاء المسلمين ـ، وهو أسلوب ماكر خبيث قد ينطلي على كثير من الناس، كما يفعل المنافقون وأعداء الإسلام اليوم .
فمسجد الضرار ليس حادثة في المجتمع الإسلامي الأول انتهت وانقضت، بل هي فكرة ومؤامرة مستمرة، يُخَطط لها، وتختار الوسائل الدقيقة لتنفيذها، في صور كثيرة ومختلفة، فلا يزال أعداء الإسلام ـ من المنافقين والمبشرين وغيرهم ـ يقيمون أماكن ظاهرها البناء والخير والإصلاح، وباطنها حرب على الله ورسوله، وهدفها الطعن في الإسلام، وتشكيك المسلمين في معتقداتهم، وإبعادهم عن قيمهم وآدابهم، فيقيمون مدارس باسم التعليم ليتوصلوا بها إلى بث سمومهم بين أبناء المسلمين، وصرفهم عن دينهم، ويعقدون الندوات والمنتديات باسم الثقافة والتطوير، والغرض منها خلخلة العقيدة في القلوب، والقضاء على القيم في النفوس، ويبنون مستشفيات باسم المحافظة على الصحة والخدمات الإنسانية، والغرض منها التأثير على المرضى والفقراء وصرفهم عن دينهم، وقد اتخذوا من البيئات الجاهلة والفقيرة - لاسيما في بلاد إفريقيا - ذريعة للتوصل إلى أهدافهم ومؤامراتهم الخبيثة,ومن ثم فعلى المسلمين أن يأخذوا من سيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدروس والعبر التي تساعد الأمة على معرفة الطريق إلى عز الإسلام والمسلمين، من خلال معرفة عوامل النهوض والنصر، وأسباب السقوط والهزيمة، ويتعرفون على هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تعامله مع الأعداء، وتربيته للأفراد، وبنائه للدولة .
       إن مسجد الضرار الذي بناه المنافقون في الصدر الأول ما يزال اليوم يتخذ في صور شتى من الوسائل الماكرة التي يتخذها أعداء الإسلام لحرب المسلمين، وتفريقهم، وتشويه صورة الإسلام في نفوسهم، عبر وسائلهم المختلفة، فقنوات البث المباشر الناشرة للرذيلة يعد وكراً من أوكار الضرار، والمجلات الفاتنة الفاضحة، والجرائد المنحرفة الضالة، والكتب الهدامة، صور جديدة لمسجد الضرار، وقوالب مختلفة لمسجد الضرار، يقوم عليها علمانيون وحداثيون وإن تلبسوا باسم الإسلام، وافتتحوا أوكارهم بمقدماته، ونشرت بعض قيمه وأخلاقه، فهي تحمل في طياتها الفساد والانحلال والغزو الفكري المركز ضد عقيدة المسلمين، وتربيتهم وقيمهم وأخلاقهم، وإنما يتأكلون باسم الإسلام. وعلى شاكلتها كل محل ينشر الرذيلة، أو يبيع الفساد والخبث للمسلمين،  والمكتبات التي تروج للفساد والإفساد بين المسلمين، كلها صور متنوعة ومختلفة لمسجد الضرار . بل وكثير من المنظمات والأحزاب المنتمية للإسلام، والفرق الخارجة عنه إنّما هي صور مشكلة مزخرفة لمسجد الضرار.
    قوله تعالى: "لمسجد أسس على التقوى": أي بنيت جدره ورفعت قواعده على تقوى الله وطاعته من أول يوم ابتدئ في بنائه....والأسس أصل البناء؛ وكذلك الأساس. والأسس مقصور منه... وجمع الأس إساس؛ مثل عس وعساس. وجمع الأساس أسس؛ مثل قذال وقذل. وجمع الأسس أساس؛ مثل سبب وأسباب. وقد أسست البناء تأسيسا.... ومعنى التقوى هنا الخصال التي تُتقى بها العقوبة،...ويدخل فيها كل خير ونفع للمسجد.

    أي المساجد هو؟:    واختلف العلماء في المسجد الذي أسس على التقوى؛ فقالت طائفة: هو مسجد قباء؛ يروى عن ابن عباس والضحاك والحسن. وتعلقوا بقول: "من أول يوم"، ومسجد قباء كان أسس بالمدينة أول يوم؛ فإنه بني قبل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم؛ قاله ابن عمر وابن المسيب، ومالك فيما رواه عنه ابن وهب وأشهب وابن القاسم.... وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري: قال تماري رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم؛ فقال رجل هو مسجد قباء، وقال آخر هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو مسجدي هذا). قال حديث صحيح. والقول الأول أليق بالقصة؛ لقوله: "فيه" وضمير الظرف يقتضي الرجال المتطهرين؛ فهو مسجد قباء. والدليل على ذلك حديث أبي هريرة قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء "فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين" قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية. قال الشعبي: هم أهل مسجد قباء، أنزل الله فيهم هذا.. وقال قتادة: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قباء: (إن الله سبحانه قد أحسن عليكم الثناء في التطهر فما تصنعون) ؟ قالوا: إنا نغسل أثر الغائط والبول بالماء؛ رواه أبو داود..... وروى الدارقطني عن طلحة بن نافع قال: حدثني أبو أيوب وجابر بن عبدالله وأنس بن مالك الأنصاريون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية " فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108)التوبة " فقال: (يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم خيرا في الطهور فما طهوركم هذا) ؟ قالوا: يا رسول الله، نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهل مع ذلك من غيره) ؟ فقالوا: لا غير، إن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء. قال: (هو ذاك فعليكموه). وهذا الحديث يقتضي أن المسجد المذكور في الآية هو مسجد قباء، إلا أن حديث أبي سعيد الخدري نص فيه النبي صلى الله عليه وسلم على أنه مسجده فلا نظر معه. وقد روى أبو كريب قال: حدثنا أبو أسامة قال حدثنا صالح بن حيان قال حدثنا عبدالله بن بريدة في قوله عز وجل: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه" [النور: 36] قال: إنما هي أربعة مساجد لم يبنهن إلا نبي: الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وبيت أريحا بيت المقدس بناه داود وسليمان عليهما السلام، ومسجد المدينة ومسجد قباء اللذين أسسا على التقوى، بناهما رسول الله صلى الله عليه وسلم....وعن ابن عباس: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم} يعني مسجد قباء.....وعن أبي بن كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى، فقال: "مسجدي هذا"...وعن عثمان بن عبيد الله، قال: أرسلني محمد بن أبي هريرة إلى ابن عمر أسأله عن المسجد الذي أسس على التقوى، أي مسجد هو؟ مسجد المدينة، أو مسجد قباء؟ قال: لا، مسجد المدينة....وعن ابن عمر وزيد بن ثابت وأبي سعيد، قالوا: المسجد الذي أسس على التقوى: مسجد الرسول...وعن أسامة بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، قال: المسجد الذي أسس على التقوى: هو مسجد النبي الأعظم....وعن سعيد بن المسيب، قال: إن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، هو مسجد المدينة الأكبر.... قال أبو جعفر الطبري: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لصحة الخبر بذلك عن رسول الله. ذكر الرواية بذلك.

جواد عبد المحسن

حديث رمضان - 13
2015

إرسال تعليق

0 تعليقات