كلمةُ حقٍ عند سلطان جائر

كلمةُ حقٍ عند سلطان جائر

عَنَدَ الرَّجُلُ : خَالَفَ الْحَقَّ وَهُوَ عَارِفٌ بِهِ,عَنَدَ عَنْ أَصْحَابِهِ : تَبَاعَدَ عَنْهُمْ, عَنَدَ عَنِ الطَّرِيقِ : مَالَ عَنْهُ وَعَدَلَ, عَنَدَ العِرْقُ أَو الجُرْحُ : سال دمُه ولم يجفّ, عَنَدَ فلانٌ : استكبر وتجاوز الحدَّ في العصيان.
عنَدَ: عنَد الشَّخصُ:خالف الحقَّ وردّه وهو عارفٌ به هو عنيد في خصومته حتى النهاية ،في قوله تعالى { وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }15 ابراهيم, يعني عتا وطغى وتجاوز الحَدَّ في المعارضة لا يمكن التَّفاهم معه لأنّه يعنِد.
عنَد عن القصد أو الطريق : مال وعدل عنه عنَد عن أصحابه : تركهم في سفر وأخذ في غير طريقهم.
اِسْمٌ لِمَكَانِ الْحُضُورِ  دَخَلْتُ عِنْدَ صَاحِبِي { وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }
ظَرْفٌ لِزَمَانِ الحُضُورِ : وَصَلَ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ
بِمَعْنَى لَدَى : (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ) النحل آية 96.
 وتَأْتِي بِمَعْنَى الظَّنِّ وَالْحُكْمِ : هَذَا عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ هَذَا,وتعني الْمِلْكِيَّةُ وَتَأْتِي مَجَازاً : عِنْدَ الْحَاجَةِ عِنْدَ الاقْتِضَاءِ, عِنْدَهُ عِلْمٌ كَمَا تَلْحَقُ بِهَا مُخْتَلِفُ الضَّمَائِرِ : عِنْدِي,عندهم ,عندنا....وهكذا, كان عند حُسْن الظَّنِّ به : تصرَّف حَسَنًا كما كان متوقَّعًا منه.
ان للسلطان بطانتان بطانة السوء وبطانة الخير بطانة السوء تنظر ماذا يريد السلطان ثم تزينه له وتقول هذا هو الحق هذا هو الطيب ولو كان من أجور ما يكون تفعل ذلك مداهنة للسلاطين وطلبا للدنيا, أما بطانة الحق فإنها تنظر ما يرضى الله ورسوله وتدل الحاكم عليه, هذه هي البطانة فتوصف الحسنة او بالبطانة السيئة,لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (ما بعث الله من نبى ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله) (رواه أحمد ، والبخارى ، والنسائى ، وابن خزيمة ، وابن حبان عن أبى سعيد).
ان كلمة الباطل عند سلطان جائر هذه ضد الجهاد, وكلمة الباطل عند سلطان جائر تكن بأن ينظر المتكلم ماذا يريد السلطان فيتكلم به عنده ويزينه له وقول كلمة الحق عند سلطان جائر من أعظم الجهاد ,فقد روى طارق بن شهاب - رضي الله عنه - أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -  وقد وضَعَ رِجْلَهُ في الغَرْزِ : أيُّ الجهادِ أفضلُ ؟ قال : «كلمةُ حقٍ عند سلطان جائر». أخرجه النسائي. وقال عند سلطان جائر لأن السلطان العادل كلمة الحق عنده لا تضر قائلها لأنه يقبل, أما الجائر فقد ينتقم من صاحبها ويؤذيه فالآن عندنا أربع أحوال:
 1 - كلمة حق عند سلطان عادل وهذه سهلة: قال سفيان الثوري: لما حج المهدي قال: لا بد لي من سفيان، فوضعوا لي الرصد حول البيت ، فأخذوني بالليل. فلما مثلت بين يديه قال لي: لأي شيء لا تأتينا فنستـشيرك في أمرنا؟ فما أمرتنا من شيء صرنا اليه وما نهيتنا عن شيء انتهينا عنه. فقلت له : كم انفقت في سفرك هذا؟ قال: لا أدري، لي أمناء ووكلاء. قلت: فما عذرك غدا اذا وقفت بين يدي الله تعالى فسألك عن ذلك؟ لكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما حج قال لغلامه كم أنفقت في سفرنا هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين ثمانية عشر دينارا. فقال: ويحك اجحفنا بيت مال المسلمين وقد علمت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رب متخوض في مال الله ومال رسوله فيما شاءت نفسه، له النار غدا.( و رب متخوض في مال الله و مال رسول الله له النار يوم القيامة )  رواه البخاري في الصحيح عن معاذ بن فضالة غير انه قال : فنعم صاحب المسلم ما أعطى منه المسكين و اليتيم و ابن السبيل و قال : شهيدا بدل قوله حسرة و لم يذكر ما بعده
فقال أبو عبيد الكاتب: أمير المؤمنين يستقبل بمثل هذا؟ فأجابه سفيان: اسكت، انما اهلك فرعون: هامان أي انت وأمثالك من بطانة السوء.
2 - كلمة باطل عند سلطان عادل وهذه خطيرة لأنك قد تفتن السلطان العادل بكلمتك بما تزينه له من الزخارف
3 - كلمة الحق عند سلطان جائر وهذه أفضل الجهاد

4 - كلمة باطل عند سلطان جائر وهذه أقبح ما يكون فهذه أقسام أربعة لكن أفضلها كلمة الحق عند السلطان الجائر نسأل الله أن يجعلنا ممن يقول الحق ظاهرا وباطنا على نفسه وعلى غيره قال العلامة المحدث عبد المحسن العباد في شرحه على سنن أبي داود رحمه الله : قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبادة الواسطي حدثنا يزيد -يعني ابن هارون - أخبرنا إسرائيل حدثنا محمد بن جحادة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر أو أمير جائر) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر أو أمير جائر)، وذلك أن الجهاد فيه احتمال السلامة واحتمال الهلاك؛ لأنه يقتل، وقد ينتصر ويغلب، ويحصل الغنيمة والأجر والثواب من الله عز وجل، وأما السلطان الجائر فهو قاهر لمن بين يديه، فيبطش به، ويؤدي ذلك إلى هلاكه، ويكون هلاكه أقرب من هلاك من يجاهد في سبيل الله، فمن أجل ذلك كانت الكلمة التي تقال عنده بهذه المنزلة، والمقصود من ذلك: أنه عندما يقول كلاماً باطلاً في مجلسه لا يسكت عليه، وإنما يبين أن الحق هو كذا، ولا يقر الباطل ويسكت عليه، وإنما يبين الحق وأنه خلاف ما يقول، وأن الذي قاله ليس بصحيح وإنما الصحيح هو كذا وكذا، لأن هذا هو الذي جاء عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، فكونه يكون عند سلطان جائر معناه: أنه يكون عرضة للهلاك، لاسيما إذا كان ذلك الجائر معروفاً بإزهاق النفوس وإتلافها بأي سبب من الأسباب ولو كان أمراً يسيراً.

جواد عبد المحسن

حديث رمضان 13
2015

إرسال تعليق

0 تعليقات