صلاح النفس بالعلم وتقوى الله في السر والعلن

صلاح النفس بالعلم وتقوى الله في السر والعلن

اختلف اهل البصرة فقال بعضهم العلم افضل من المال, وقال بعضهم الآخر بل المال افضل من العلم.....فاوفدوا رسولا الى عبد الله بن عباس فساله فقال ابن عباس:العلم افضل من المال.فقال الرسول انس الوني عن الحجة, ماذا اقول؟؟
قال قل لهم ان العلم ميراث الانبياء والمال ميراث الفراعنة والعلم يحرسك وانت تحرس المال والعلم يعطيه الله لمناحبه والمال يعطيه الله لمن احبه ولمن لا يحبه واسمع قول الله عز وجل(وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33)الزخرف,ولان العلم لا ينقص بالبذل والنفقة ولكن المال ينقص بالبذل والنفقة,ولان صاحب المال اذا مات انقطع ذكره والعالم اذا ماتفذكره باق,ولان صاحب المال يسال عن كل درهم من اين اكتسبه وفيم انفقه,وصاحب العلم له بكل حديث درجة في الجنة.
ولنا في هذا الموضع قصتين ,قصة المال وقصة العلم.
رُوي أن رجلاً بلغ من البخل غايته، حتى صار إماماً فيه، وكان إذا وقع في يده درهم، خاطبه وناجاه فكان يقول:‏ ‏ كم من أرض قطعت، وكم من كيس فارقت، وكم من خامل رفعت، وكم من رفيع أخملت، فالآن، استقر بك القرار، واطمأنت بك الدار، لك عندي ألا تـَعـْرى ولا تضحى، ثم يلقيه في كيسه ويقول له:‏ ‏ اسكن اسكن على اسم الله، في مكان لا تهان ولا تـُذلُّ فيه، ولا تـُزعج منه.‏ ‏ وألح أهله عليه مرة في إنفاق درهم، فدافعهم ما أمكن، ثم أخرج درهما، فبينما هو ذاهب، إذ رأى حوَّاء قد أرسل على نفسه أفعى لدرهم يأخذه، فقال في نفسه:‏ ‏ أتـْلف شيئاً تـُبذل فيه النفس بأكلة أو شربة!!‏ ‏ والله ما هذا إلا موعظة لي من الله، فرجع إلى بيته، ورد الدرهم إلى كيسه، فكان أهله منه في بلاء، وكانوا يتمنوْن له موتاً عاجلاً، فلما مات، وظنوا أنهم استراحوا منه، جاء ابنه، فاستولى على ماله وداره ثم سأل:‏ ‏ ما كان أُدم أبي؟‏ ‏ فقال:‏ ‏ كان يأتدِم بجبن عنده، قال:‏ ‏ أرونيه، فإذا فيه حزُّ كالجدول، من أثر مسح اللقمة، فقال:‏ ‏ ما هذه الحفرة؟‏ ‏ قالوا:‏ ‏ كان لا يقطع الجبن، وإنما كان يمسح اللقمة على ظهره، فيـُحفر كما ترى، قال:‏ ‏ بهذا أهلكني وأقعدني هذا المقعد، لو علمت ذلك ما صليت عليه يوم مات، قالوا:‏ ‏ فكيف أنت تريد أن تصنع؟‏ ‏ قال:‏ ‏ أضعها من بعيد، فأشير إليها باللقمة.وسئل احد البخلاء عن الفرج بعد الشدة فقال(ان تحلف على الضيف فيعتذر بالصوم).
واما القصة الثانية: روي أن رجلا جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال له: "يا أبا إسحاق إني مسرف على نفسي فاعرض علي ما يكون لها زاجرا ومستنقذا لقلبي".
قال: "إن قبلت خمس خصال وقدرت عليها لم تضرك معصية ".قال: "هات يا أبا إسحاق".
قال: "أما الأولى فإذا أردت أن تعصي الله عز وجل فلا تأكل رزقه".قال: "فمن أين آكل وكل ما في الأرض من رزقه؟!".قال له: "يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتعصيه؟!".
قال: "لا، هات الثانية".قال: "وإذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئا من بلاده".قال الرجل: "هذه أعظم من الأولى يا هذا، إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين أسكن؟!".قال: "يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه؟!".
قال: "لا، هات الثالثة".قال: "إذا أردت أن تعصيه وأنت تحت رزقه وفي بلاده فانظر موضعا لا يراك فيه مبارزا له فاعصه فيه".قال: "يا إبراهيم كيف هذا وهو مطلع على ما في السرائر؟!".قال: "يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه وهو يراك ويرى ما تجاهره به؟!".
قال: "لا، هات الرابعة".قال: "إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فقل له أخرني حتى أتوب توبة نصوحا وأعمل لله عملا صالحا".قال: "لا يقبل مني".قال: "يا هذا فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير فكيف ترجو وجه الخلاص؟!".

قال: "هات الخامسة".قال: "إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذونك هذا إلى النار فلا تذهب معهم".قال: "لا يدعونني ولا يقبلون مني".قال: "فكيف ترجو النجاة إذًا؟!".قال له: "يا إبراهيم حسبي حسبي، أنا أستغفر الله وأتوب إليه". ولزمه في العبادة حتى فرق الموت بينهما. المصدر: كتاب التوابين لابن قدامة

جواد عبد المحسن
حديث رمضان 14
2016

إرسال تعليق

0 تعليقات