صلاحُ القلْب




صلاحُ القلْب


أين المتصدق بعرضه البارحة


كان عُلْبة بنُ زيد الحارثيُّ رضي اللهُ عنه رجلاً من أصحاب النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم فلمَّا حضَّ على الصَّدقة جاء كلُّ رجُل منهم بطاقتِه وما عنده، فقال عُلْبة بنُ زيد: اللَّهمَّ إنِّي ليس عندي ما أتصدَّقُ به، اللَّهمَّ إنِّي أتصدَّقُ بعِرْضي على مَنْ نالَه مِن خلْقِك، فأمر رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مناديًا فنادى: أين المتصدِّق بعِرْضه البارحةَ؟ فقام عُلْبَةُ، فقالَ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((قد قُبِلت صدقتُك)).

وفي روايةٍ: ((أبشِرْ فوالذي نفسُ محمَّد بيدِه لقد كُتبت في الزَّكاة المتقبَّلَة))؛ [الإصابة لابن حجر 2/493].

إنَّه الإخلاصُ في أبهَى صوَره:

رِجَالٌ مِنَ الأَحْبَابِ تَاهَتْ نُفُوسُهُمْ            يُنَادُونَهُ خَوْفًا وَيَدْعُونَهُ قَصْدًا

وَقَامُوا بِلَيْلٍ وَالظَّلَامُ مُغَلِّلٌ             إِلَى مَنْزِلِ الأَحْبَابِ فَاسْتَعْمَلُوا الكَدَّا

يَجُودُونَ بِالأَعْرَاضِ فِي حَالِكِ الدُّجَى      وَقَصْدُهُمُ الفِرْدَوْسَ كَيْ يُرْزَقُوا الخُلْدَا

ومرادُ الله من عمَل الخلائقِ الإخلاصُ، والإخلاصُ منَّةٌ من اللهِ - تعالى - يكحِّلُ بها عيونَ قلوب الصَّادقين، قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

قال الجُنَيْدُ: سبُل الإخلاصِ، وقال أيضًا: إنَّ لله عبادًا عقلوا، فلمَّا عقلوا عمِلوا، فلمَّا عمِلوا أخلَصوا، فاستَدْعاهم الإخلاصُ إلى أبوابِ الخير أجمع.

قال ابنُ عبَّاسٍ: إنما يحفَظُ الرجُل على قدرِ نيَّته.

وكتَب سالمُ بنُ عبد الله إلى عمرَ بنِ عبد العزيز: اعلمْ أنَّ عونَ الله للعبد على قدر النِّية، فمن تمَّت نيَّته تمَّ عونُ الله له، وإن نقصت نقص بقدرِه.

وكان الإمامُ أحمدُ يقولُ لابنِه: يا بنيَّ انوِ الخيرَ؛ فإنَّك لا تزالُ بخيرٍ ما نويتَ الخيرَ.

فصلاحُ القلْب بصلاح العمَل، وصلاحُ العمَل بصلاحِ النِّيةِ، ويروى أنَّ الصِّدِّيق - رضِي الله عنه - أمَرَ خالدَ بنَ الوليد رضي اللهُ عنه بالتَّوجُّه لقتالِ الرُّوم في الشَّام، وأثنى على خالدٍ ثناءً عطِرًا، فقال: إنَّه لم يشْجُ الجموعَ من النَّاس - بعونِ الله تعالى - شجَاكَ، ولم ينزِعِ الشَّجيَّ من النَّاس نزعُك، فلْيُهْنِكَ أبا سليمانَ النِّية والحُظوة، فأتمِمْ يتم اللهُ لك، ولا يدخلنَّك عُجبٌ فتخسِر وتُخذَل، وإيَّاك أنْ تُدِلَّ بعملٍ؛ فإنَّ اللهَ له المَنُّ، وهو وليُّ الجزاءِ.

يقول ابن القيم:

إن في القلب شعثا: لا يلمه إلا الإقبال على الله.

وفيه وحشة: لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته.

وفيه حزن: لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته.

وفيه قلق: لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه.

وفيه نيران حسرات: لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه.

وفيه طلب شديد: لا يقف دون أن يكون هو وحده مطلوبه.

وفيه فاقة: لا يسدها إلا محبته ودوام ذكره والإخلاص له، ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة منه أبداً.

وفيه مرض: لا يشفيه إلا لقاء مولاه في يوم المزيد. أه

وباب الإخلاص مفتوح فادخل منه تصل إلى رحمة الله، وتكن في كنفه وحفظه وستره وأجره ورزقه وكفايته، ادخله ترتع في رياض المخلصين، وتدرك المعنى النفيس في حياتك، وإلا ففقدان هذا الشيء الغالي فقدان لحياتك ذاتها، فحياة البدن بدون حياة القلب من جنس حياة البهائم، قال - تعالى -: ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل) [الأعراف: 179].

ان الاخلاص لا يمكن وضع اليد عليه ولا يمكن نفيه او اثباته ولكنها امارات تدل عليه حين تبحث وتدقق في البحث, ففي هذه الايام الشتوية الباردة ونحن ننظر ونتألم لحال اخوتنا المشردين في الشام والقابعين في مخيمات الذل والهوان نسمع من يمجد الطاغية ويصفه باوصاف المحررين والمنتصرين وهو يدعي انه من الجهاد الاسلامي ......فكيف يستقيم المعنى ...بل هو التناقض (فانت في غزة مجاهد وفي دمشق مطبل للنظام)...فاين الاخلاص في الفعلين...؟؟ وكذلك الحال لمن مدح  ايران وتشارك الصورة مع المالكي فلا يقولن قائل انه التكتيك بل هو عدم الاخلاص في ممارسة العمل والجيش السوري الحر مثال اوضح من ان يشرح وكيف ومتى خذل من تعلقوا بحباله فعندما خرج المسلمون تصدح حناجرهم (هي لله هي لله)ادركنا انها تعبر عن الاخلاص ولما دخل الدولار الخليجي كعامل في هذه المعادلة تلوث الاخلاص .

ان مخيم اليرموك كمخيم عين الحلوة وكمخيم الشاطىء فارجوا ان تدققوا ايها الاخوه كيف تدّعون الدفاع عن مخيم الشاطىء وتتواطؤن لهدم وقتل اهل مخيم اليرموك وتصفون فعله المباشر بالعمل البطولي,وارجوا ان تجيبوا باخلاص وصدق.





 حديث رمضان 18
جواد عبد المحسن












إرسال تعليق

0 تعليقات