حسن الظن بالله




حسن الظن بالله


حسن الظن بالله عبادة قلبية جليلة لا يتم إيمان العبد إلا به لأنه من صميم التوحيد وواجباته، حسن الظن بالله هو ظنّ ما يليق بالله تعالى واعتقاد ما يحق بجلاله وما تقتضيه أسماؤه الحسنى وصفاته العليا مما يؤثر في حياة المؤمن على الوجه الذي يرضي الله تعالى، تحسين الظن بالله تعالى أن يظن العبد أن الله تعالى راحمه وفارج همه وكاشف غمه، وذلك بتدبر الآيات والأحاديث الواردة في كرم الله وعفوه وما وعد به أهل التوحيد، حقاً إنه مسلك دقيق ومنهج وسط بين نقيضين لا يسلكه إلا من وفقه الله وجعل قلبه خالصاً له سبحانه، لذلك ينبغي أن يكون سمة لازمة يتجلى في حياة المؤمن وعند احتضاره وقرب موته.

قال علي كرم الله وجهه: حسن الظن بالله الا ترجو الا الله ولا تخاف الا ذنبك، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها كلها سوء الظن بالله عز وجل)، فالجبان اساء الظن فأساء الفعل وكذلك البخيل والحريص.

وقد كتب يحيى بن برمك الى الرشيد كتابا يقول فيه: إذا جعلت الظن شاهدا تعدل شهادته بعد ان جعلته حكما يحيف في حكومته فأين الموئل من جورك ولست أسألك طريقا من العتب عليك الا شدة ما انطوى عليه من مودتك، ولا سبيل الى شكايتك الا اليك:

عجبت لقلبك كيف انقلب     ومن طول ودك انى ذهب

وأعجب من ذا وذا انني      أراك بعين الرضا في الغضب

وأما القصة فيرويها صاحبها فتح بن سعيد الموصلي قال: رأيت في البادية غلاما لم يبلغ الحلم يمشي وحده وهو يحرك شفتيه، فسلمت عليه فرد علي السلام. فقلت: الى أين؟ فقال: الى بيت ربي عز وجل. فقلت: بماذا تحرك شفتيك؟ فقال: أتلو كلام ربي. فقلت: انه لم يجر عليك قلم التكليف بعد؟ قال: رأيت الموت يأخذ من هو دوني سنا فعرفت انني لست بناج. فقلت: خطاك قصيرة وطريقك بعيدة. فقال: إنما علي نقل الخطا وعلى الله البلاغ. فقلت: واين الزاد والراحلة؟ قال: زادي يقيني وراحلتي رجلاي. فقلت: اسألك عن الخبز والماء؟ قال: يا عماه أرأيت لو دعاك مخلوق الى منزله أكان يجمل منك ان تحمل زادك معك الى منزله؟ قلت: لا. قال: ان ربي دعا عباده الى بيته وأذن لهم في زيارته فحملهم ضعف يقينهم على حمل ازوادهم، واني استقبحت ذلك فحفظت الادب معه، افتراه يضيعني؟ فقلت: حاشا وكلا. ثم غاب عن بصري فلم اره الا بمكة، فلما رآني قال: ايها الشيخ اما زلت على ذلك الضعف من اليقين؟





إرسال تعليق

0 تعليقات