تغريب المفاهيم (تابع لموضوع وسائل الغزو الثقافي)

ثالثاً :


ثالثاً :

تغريب المفاهيم

يقول الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله في كتابه ( حصوننا مهددة من داخلها ) ص 100 ( ليسَ من شأني وليسَ من شأن المجلة التي أكتب لها أن أتناول الجانب السياسي من جامعة الدول العربية ولكن الذي يعنيني الآن هو الجانب الثقافي ، وهو جانب شديد الاتصال بالجانب السياسي ، لأن أثاره أعلق بالنفس ، ولأنه يعمل في خفاء قد يبعده عن أعين الرقباء .... وحديثي هذا عن اللجنة الثقافية لجامعة الدول العربية .

هذه اللجنة كانت ولا تزال تنظر بغير عين العرب ، وتعمل بغير عقل العرب ، وتهدف إلى غير أهداف العرب ، إنها لا تزال كما كانت يوم أنشأها الذين كانوا يحرصون على أن يكون العرب ذيلاً لدول الاستعباد الغربي ، لا يرون الأشياء إلا كما يراها الغربي ، ولا يتذوقونها إلا كما يتذوقها ، ولا يقدِّرونها إلا كما يقدرها ، إنها لا تزال تعمل على ما يسميه دهاقنة الإستعباد الغربي ( التغريب ) .

ويقصد به طبع العرب والمسلمين والشرقيين عامةً بطابع الحضارة الغربية والثقافة الغربية ، مما يساعد على إيجاد روابط من الود والتفاهم بين الحمار وراكبه وهي روابط تفيد الراكب دائماً ولا تفيد الحمار ...!!! وهذا هو ما تهدف إليه كل الجماعات التي من نوع ( أصدقاء الشرق الأوسط ) الآن أو ( الصداقة الإنجليزية المصريه ) أو ( الصداقة الفرنسية ) سابقاً ، وهذا الذي يسميه الإستعباد الغربي تغريبا هو ما يسميه سماسرة ذلك الإستعباد وصنائعه ( تطويرا ) وهو ما يعنونه حين يتكلمونَ عنه ( بناء المجتمع من جديد ) فالذين يتكلمون عن بناء المجتمع من جديد يعرفون أن مشروعهم هذا يشتمل على خطوتين : الخطوة الأولى ( الهدم ) والخطوة الثانية هي بناء ما يتوهمونهُ من ( الجديد )

إنهم ماضون في الهدم ، لايرضيهم إلا أن يأتوا على بنياننا من القواعد ، بما يتضمنه من دين وفنون وآداب ، ولكنهم سوف يعجزون عن البناء ، سيهدمون مجتمعنا ثم يتركونه وسط أنقاض نظامه القديم في فوضى لا سكن فيها ولا قرار إنتهى كلامه رحمه الله .

فلئن كان الاستشراقُ هو قدوم بعض الغربيين الى بلاد المسلمين لدراسة الثقافة الاسلامية للاضطلاع على حضارةِ المسلمين وعلومهم وفنونهم ظاهراً .... الا أنه انتقل الى مرحلته التالية وغايته الاساسية وهو تحسس مواضع ضعف المسلمين للنيل منهم والكيد لهم تحت شعار طلب العلم .

فلقد كان التغريب هو الفكرةُ التي انتجها الاستشراق لغزو بلاد المسلمين ثقافياً لبناء رأس الجسر الذي تمر عليه كل مخططات الكافر ضدنا، ويقصد منه ان يقتفيَ المسلمون سيرةَ الاوروبيين وسلوك طريقهم في جميع شؤون الحياةِ حتى تصبح حياةَ المسلمين صورةً عن حياتهم وطراز عيشهم .

والغاية منه فصل الممسلين عن الاسلام حتى لا تصبح احكام الاسلام مفاهيم حياة تقيد التصرفات وإنما ليتحرر المسلمون من هذه الضوابط ويبقى تعلقهم بالاسلام تعلقاً عقائدياً مشوهاً فقط فيسهل حينذاك هزمهم والسيطرةَ عليهم وهذا ما تنبه له الكافر حين هزم لويس التاسع في مصر وقال ( لنبدأ حرب الكلمة فهي وحدها القادرةُ من تمِكيننا من هزيمة المسلمين ) لقد إحتل لويس التاسع دمياط في 21 / صفر سنة 647 هـ الموافق 5 مايو سنة 1249م يعني قبل دخول المغول بغداد بتسع سنين .

لقد كانَ احد ابرز اسباب الغزو الثقافي والتغريب لبلاد المسلمين حين قرع الجرس الكبير وحوصرت( فينيا) سنة 1682م وكان يحمي اسوارها اكثر من مئتي الف مقاتل تناقصوا إلى بضعة آلاف في نهاية المعركة فأقروا بأن خير وسيلة للدفاع عن اوروبا هو الهجوم على المسلمين هجوماً يختلف في كنهه عن الحرب الصليبية ويحقق اكثر من هدف لما ادركوا من القوةِ الكامنة في العقيدة الاسلامية حين يحملها المسلم وفي هذا الامر يقول المستشرق ( المبشر ) ( لورنس براون ) ( ولكن الخطر الحقيقي كامن في نظام الاسلام وفي قوته على التوسع والاخضاع وفي حيويته ، انه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الاوروبي ) .

ثم برزت اسباب اخرى حين سال لعابهم على خيرات المسلمين وأصبح الاستعمار بحد ذاته غايته ، بل ويتنافسونَ فيما بينهم لاقتسام هذه الخيرات حتى قبل ان تقع في ايديهم كما حصل في معاهدة ( سايكس بيكو ) ومن قبلها في مصر عندما دخل بونابرت اليها وأحضر معه المطبعة التي شكلت في تلك الايام بوقه الدعائي . وليس هذا فقط بل الموقع الاستراتيجي الذي يتبوؤه العالم الاسلامي في طرق تجارتهم مثل السويس والدردنيل والبسفور وعدن وللوصول لغايتهم تلك عمدوا الى وسائل وأساليب منها :-

1 - تجنيد الابواق الاعلامية لتصوير الدولة العلية العثمانيه ( بالرجل المريض ) وتكوين صورة ذهنيه عند الناس ان المريض قد اشفى على الموت ولا بد من ضخ دم جديد وأفكار جديدة تبرؤه من مرضه وقد ظهر ذلك جلياً حين رجع رفاعه الطهطاوي من فرنسا سنة 1831م ونادى بالحرية وأنها سبيل التقدم وكذلك طالب بتقنين الشريعة على نمط المدونات القانونية الاوروبية وتحدث عن المرأة وتعليمها ومنع تعدد الزوجات وتحديد الطلاق واختلاط الجنسين . ولقد كان جمال الدين الافغاني اول من روج فكرة ( اشتراكية الاسلام ) كما قال ( لا مانع عندي من السفور إذا لم يؤد الى السقور)

2 - عمدوا الى اثارة الشبهات حول الاسلام فاسلام معتدل واسلام اصولي ومتطرف ومتزمت وارهابي واسلام يوافق العصر وفي هذا الأمر يقول ( ولفرد كانتويل سميث ) في كتابه ( الإسلام في العصر الحديث ) ( التحررية والإنسانية حركتان عميقتا الجذور في العالم العربي ، وهما مشتقتان من اليونان من ناحية ومن الانجيل من ناحية إخرى ، ولقد آتت هاتان الحركتان ثمراتهما خلال ثورات القرن الثامن عشر بتصميمهما على إحتمال التضحية والإستشهاد في سبيل تحقيق أهدافمها ومثلهما ، وقد اقْتبست الحضارة العربية القديمة بعض المفاهيم العقلية من الفلسفة والعلوم اليونانية ، ولكنها رفضت رفضاً باتاً المفاهيم الإنسانية التي يتضمنها الفن والشعر اليونانيان ) ص 303 وهنا نذكر هذا المثال لأن فيه مسألة دقيقة يَشُكل فهمها ويصعب على كثير من الناس وهي عالمية الإسلام وإنسانيته والخلط بينهما وبين الدعوات العالمية والإنسانية بمعناها المقصود في الليبرالية والعلمانية التي تُسقط الدين من حسابها جملةً ، ولا تقيم له وزنا .

إن عالمية الإسلام تعني أن دعوته عالمية موجهة للبشر كافة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً}سبأ 28 {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}الأنبياء107، ولسيت محصورة في جنس بعينه كاليهودية التي هي خاصة ومغلقة على بني إسرائيل بوصفهم شعب الله المختار ، فالمسلمونَ على إختلاف أجناسهم وألوانهم إخوة في الدين سواسية في الحقوق والواجبات .

وأما إنسانيته فإنها تدعوا إلى إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وتحقيق العدل بين خلق الله جميعاً ونبذ الفُرقة بينهم بسبب الجنس أو اللون ورعاية حق الضعيف والمحروم ويظل المسلمون جميعاً ضمن دائرة ( أمة واحدة من دون الناس ) كما جاء نص كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهم مطالبون بالتمسك بشعائرهم وسنتهم ومناسكهم التي تميزهم بالطابع الخاص ، بل وهم منهيون عن التشبه بغيرهم في أزيائهم وطراز عيشهم ، حتى لا يفقدوا هذا الطابع الخاص المتميز ولهم على بعضهم حقوق لم يوجبوها هم لا بإتفاق أو معاهدة بل أوجبها الله عليهم بوصفهم مسلمين داخل مجتمع خاص كأنه جسد واحد وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم آخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يحقره ، التقوى هاهنا ( ويشير إلى صدره ثلاث مرات ) بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه ، وماله ، وعرضه ). وأسوق مثالاً ثانياً عمّن فهموا الاسلام بعقول افرنجيه وهو الدكتور(عبد الرزاق السنهوري باشا) 1895-1971 ويقول عنه الدكتور (محمد عماره) في كتابه الاسلام والسياسه ص82(اعظم رجال القانون العرب في عصرنا الحديث) وقد نال شهاده الدكتوراه من باريس عن (فقه الخلافة وتطورها) يقول في بحث (الدين والدوله في الاسلام) نفس المصدر ص105

ان سلطان الخليفة يجب ان ينبسط على جميع العالم الاسلامي فوحده الاسلام حجر اساسي في الدولة الاسلامية ووحده الاسلام تستتبع وحدة الخليفه.

يجب ان يكون على رأس الاسلام خليفة واحد، وهذه هي الخلافة الكاملة ، ولكن الظروف قد تلجئ المسلمين-وقد تمزقت وحدتهم - ان ينقسموا امماً لكل امةٍ حكومتها فيجوز تعدد الخليفة للضرورة ولكن الخلافه هنا تكون خلافة غير كاملة .

على ان الخلافة الكاملة يمكن تحققها اذا اجتمعت كلمة المسلمين ،لا على ان تكون لهم حكومة مركزية واحدة،فذلك قد يصبح مستحيلاً بل يكفي-على ما أرى-ان تتقارب حكومات الاسلام المختلفة،وأن تتفاهم بحيث يتكون منها هي هيئة واحدة شبيه (بعصبةِ امم اسلامية) تكون على رأس الحكومات ، وتكون على هيئة الخلافة،ولا سيما اذا ألحق بهذه الهيئة مجلس مستقل عنها، يكون قاصراً على النظر في الشؤون الدينية للمسلمين)ولا اريد أن اعلق على كلامه.

وأثاروا الشبهات حول اللغة العربية وحاربوها بإعتبارها الوعاء الذي استوعب القرآن ، وشجعوا الدعوات التي نادت بإستبعاد الفصحى واستبدالها بالعامية وهذا ما دعا إليه خفاءً من إجتمعوا عند عقد المؤتمر الأول للمجامع اللغوية العلمية في دمشق سنة 1956 ، ويروى أحمد حسن الزيات فيقول ( إن المحافظين من شيوخ الأدب قد سيطروا عليه ثم إنتهى زمامه إلى الكتاب والصحفيين الذين نبهوا المجمّع إلى أهمية العامية وخطورة جمود اللغة بتخلفها عن مسايرة الزمن )

ورأى علي حسن عودة وهو واضع مناهج من الأردن فقال ( فإن لدينا اليوم من الوسائل الحديثه ما يضمن النجاح المبذول في سبيل ترقية لغة التخاطب في البلاد العربية ويضمن البقاء والتقدم أيضاً لكل لغة عربية فصيحة جديدة .

وهذا ما يحاول تلامذة الغرب ترويجه من دعوات مريبة لتطوير اللغة وقواعدها ورسمها ، وهو تطوير قد يختلف أصحابه في تسميته ولكنهم لا يختلفون في حقيقته ، فيسمونه تارة تهذيباً وتارة تيسيراً ، وتارةً إصلاحاً ، وتارة تجديداً ، ولكنهم في كل الأحوال وعلى إختلاف الأسماء يعنون شيئاً واحداً هو التحلل من القواعد والأصول التي صانت اللغة العربية وحفظتها .

وشجعوا ودعموا الفنون الشعبية ( الفلوكلور ) ولقد حوصرت اللغة العربية في الجزائر سنة 1830 وفرضت اللغة الفرنسية على المسلمين وحرّمت التدريس باللغة العربية كما يقول الجنرال كيللر( إن انتشار لغتنا واشعاع ثقافتنا وأعمالنا الانسانية وعظمة الافكار العبقرية الفرنسية هي الاعمال المكملة لنا وسوف لن نهملها ابداً ) هذا في الجزائر وأما في مصر فقد جاء في تقرير اللورد كرومر بمناسبة تعيين سعد زغلول وزيراً للمعارف ولقد وصفه بأنه ينتمي إلى المدرسة الفكرية التي ينتمي إليها الشيخ محمد عبده فيقول ( وسوف نراقب ما تتمخض عنه هذه التجربة من آثارٍ في عناية وإنتباه ، فإذا نجحت التجربة ، وذلك ما آمله وما أعتقده ، فسَوف تمنح قدراً أكبر من التشجيع للسير في الإتجاه نفسه إلى مدى أبعد ) .

3 - تربية اجيال من القادة وصناعتهم على عين بصيرة ليكونوا داعين لثقافة الغرب كما يقول اللورد ( كرومر ) ( أن الاسلام دين صحراوي وأننا لا أمل لنا الا بالمتفرنجين الذين يكونون ايدٍ مصرية مع عقول أوروبية ) ولا يقتصر الامر على السياسة فقط وانما في كل مناحي الحياة المختلفة ولقد كانت الجامعة الامريكية في بيروت وكلية فكتوريا في الاسكندرية تتوليان هذه المهمة لتخريج الكوادر التي تنادي بالتحرير الفكري او ما يسمون ( الليبراليون ) ودعاهم ومنحهم المناصب فهذا عميد الادب العربي وهذا محرر المرأة وهذا امام العصر ورفع شعار الدين لله والوطن للجميع وفي هذا الموضوع يقول أبو الحسن الندوي ( وجد في مصر كتاب وأدباء ، دعوا دعوةً سافرة إلى تقليد الحضارة الغربية وإتخاذها مثلاً يحتذى ..... ومن أبرز أعضاء الطبقة المثقفة في مصر طر حسين الذي دعا إلى إعتبار مصر جزءاً من الغرب فقال ( إن من السخف الذي ليسَ بعده سخف إعتبار مصر جزءاً من الشرق ، وإعتبار العقلية المصرية كعقلية الهند والصين .... وقال نريد أن نتصل بأوروبا إتصالاً يزداد قوةً يوماً بعد يوم حتى تصبح جزءاً منها لفظاً معنىً ، حقيقة وشكلاً ) مستقبل الثقافة في مصر ص 23- 24 .

4 - لقد كانت الارض جاهزةً بعد الحرب العالمية الاولى وممهدة لدخول الكافر بجيوشه لبلاد المسلمين وجاهزةٌ لاستقبال قوانين الكافر معه فحوصرت المحاكم الشرعية داخل دائرة ضيقة وشوهدت المحاكم النظامية التي تحكم بقوانين الكافر واقتبست القوانين من القانون الفرنسي والانجليزي او من كليهما وعطلت الاحكام الشرعية بالكامل ورفع شعار الديمقراطية لحماية الحريات شكلاً .

5 - اخضاع اجهزة الدولة وبناءها وفق مقتضيات مصالحهم وانشأت دوائر جديدة كدائرة التجنس والاحصاء وألغي نظام الوقف وأنشأت وزارة للثقافة والفنون والمسابقات المختلفة وأنشأت وزارة للشباب والرياضة لاشغال الامة بكرة القدم وغيرها ، وضبط العمل السياسي وفق اطار القانون ولا يتعاطى السياسة الامن صُرِّح له فقامت الدولة على قانون وضعه الكافر وزعيم فُصّل لهذا القانون ووسط سياسي يؤمن بهذا القانون ..... والجهلة من ابناء المسلمين

6 - انهم تدخلوا في صياغة مناهج التعليم ضمن اطار المساعدات التي تقدمها اليونسكو وإلغاء طرق التعليم القديمة ( والكتاتيب ) بحيث تبني نظم التعليم الجديدة بمناهجها اجيالاً بمقاييس محددة كل حسب مرحلته يستطيع القراءةَ ولا يقوى على التفكير واعتبار الاسلام مادة تدرس كالانجليزيه فلقد وضع مناهج التعليم المصرية ( دانلوب ) الذي درس اللاهوت ثم اصبح عوناً لكرومر .

7 - تشجيع وسائل الاعلام المقروئة والمسموعة والمرئية

اما بالنسبة للمقروءة فقد نشروا قصص ارسين لوبين بأسعار مدعومة ويشجعوا الترجمة تحت شعار كتاب الجيب وقصص أغاثا كرستي الغامضة وروايات جورجي زيدان وساعدوا على انتاج جيل من الكتاب مثل يوسف السباعي ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وغيرهم الكثير حتى تستوطن الثقافة الغربية في اذهان المسلمين .

وأما بالنسبة للمسموعة فلقد كان الراديو وسيلة الاعلام الاكثر شيوعاً فاستغلوه بالغناء والاخبار الموجهة لصياغة عقول الناس وحشوها بتوافه الامور.

وأما الوسائل المرئية فهي الاخطر في هذه الايام فوجهت نحو كل الاعمار وساعدوا على تكثيرها وتنوعها فقنوات توجه الاطفال وأخرى للشباب وأخرى للكبار وكلها تبث ما ينتجه الكافر من عنف يعكس طراز حياته ونمط عيشه

ويؤدي الى انتاج جيل من الشباب يرى أن الفنان فلان والفنانه فلانه مثله الاعلى وينشغل بتوافه الامور وبشكل شعره ورنة هاتفه وتطعيم كلامة ببعض المصطلحات الاجنبية .

والخلاصة أن عملية ترويض الامة وتغريبها عن مفاهيمها تتم بإدخال نظم حياة الغرب التي لم يعهدها المسلمون من قبل تحت حماية انظمة الحكم ورعايتها لها وادخال ثقافات جديدة تحت شعارات لماعة تستقطب الجهلة ومتسولي العلم بالترافق مع عملية تدمير منظم ومدروس للمفاهيم الاسلامية عبر الهجوم على الاسلام من قبل الكافر وعبر عملية التدليس الفكري التي يمارسها علماء السلاطين وغيرهم من المضبوعين والمتسلقين والمنبهرين بثقافة الغرب بإعتبارها عندهم مصدر الالهام الفكري والاشعاع الحضاري .

لقد شُخّص هذا الواقع بأنه واقع سيئ ولا بد من تغييره حتى تنهض الامة فمنهم من رأى عبر تشخيصه لهذا الواقع ان المشكلة مشكلة قومية ومنهم من رأى عبر تشخيصه انها مشكلة وطنيه ومنهم من رأى عبر تشخيصه أنها مشكلة ابداء رأي ولا بد من الديمقراطية التي حلت مشكلة الغرب فنهضوا على اساسها ومنهم من رأى أن المشكلة هو جمودٌ فكري للمفاهيم فلا بد من تجديد الخطاب الديني ومنهم من رأى انها مشكلة تحل بالتدريج بتطبيق الاحكام ومنهم من رأى أن هذا الامر هو من القضاء والقدر ولا حيلة له ولا قوة عنده لتغيره ومنهم من قال لا بد من التعامل مع هذا الواقع على أنه أمر الواقع ونعمل على تغيره عبر تعاملنا معه بواقعيه .

لقد حاول القومي حل المشكلة على اساس قومي ففشل وزاد فوق المشكلة مشكلة وحاول الوطني وفشل وزاد فوق المشكلة مشكلة وحاول دعاة الديمقراطية وأصحاب تجديد الخطاب الديني وأصحاب نظرية التدرج وفشلوا جميعاً بل زادوا فوق المشكلة مشاكل .

لقد شخص حزب التحرير واقع الامة الاسلامية من خلال نظرته المستنيرة لهذا الواقع وأدرك أن هذه مشكلةُ واقع اسلامي ولا تُشَّخص الا من قبل المسلمينَ انفسهم ، وأن الحل لا يكون الا حلاً اسلامياً .

إن الفرق واضح بين تشخيص المشكلة وحلها والحل يجب أن يمارسه المسلمون أنفسهم وان لا يلجأوا لغيرهم لحل مشكلتهم ، فمشكلة المسلمين لا تحل الا بأفكارهم هم ومفاهيمهم هم وليس بالافكار المستعارة .

إن استعارة ماعون من جار لقضاء حاجة ممكن ومعقول ولا شيئ فيه ولكن ان تستعير فكراً ومقياساً او مفهوماً أو حضارة من الغير لتحل مشكلة او لتقضي حاجة فهذا غير معقول .

ان حزب التحرير والكافر في سباق وصراع والامة الاسلامية هي موضع السباق والصراع بين تحميلها أفكار الكفر ومفاهيمه عبر ادوات الكافر والحمقى من المسلمين وبين حزب التحرير الذي يخوض الصراع الفكري مع رؤوس الكفر ويعمل لكشف خطط هذا الكافر وافراغ الامة من أفكاره ووضع الأفكار الاسلامية الصافية محلها و مصالح الامة الاسلامية .

إن هذا العمل الضخم الشاق ليدل على عظم الاجر العظيم والثواب الجزيل من الله عز وجل .... فلا يكتفى بالحمل فقط بل لا بد من العمل الدؤوب .

إرسال تعليق

0 تعليقات