طريق الحق واحد


 طريق الحق واحد

قال ابن القيم رحمه الله تعالى : فائدة في قوله تعالى :( ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ )(17)البقرة ,تأمل كيف قال الله تعالى ( ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ) فوحده، ثم قال: (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ) فجمعها. فإن الحق واحد، وهو صراط الله المستقيم، الذي لا صراط يوصل إليه سواه، وهو عبادة الله وحده لا شريك له بما شرعه على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ولا بالأهواء والبدع، وطرق الخارجين عما بعث الله به رسوله صلّى الله عليه وسلّم، من الهدى ودين الحق، بخلاف طرق الباطل وسبله.
فإنها متعددة متشعبة. ولهذا يفرد الله سبحانه الحق ويجمع الباطل، كقوله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ)[البقرة:257] وقال تعالى: ( وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) [الأنعام:153] فجمع سبيل الباطل، ووحد سبيل الحق.
ولا يناقض هذا قوله تعالى: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ)[المائدة:16] فإن تلك هي طرق مرضاته التي يجمعها سبيله الواحد، وصراطه المستقيم. فإن طرق مرضاته كلها ترجع إلى صراط واحد وسبيل واحد، وهي سبيله التي لا سبيل إليه إلا منها.
وقد صح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه: '' خط خطا مستقيما، وقال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، وقال: هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله تعالى: ( وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ. ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153][ أخرجه الدارمي في سننه.
وقد ذكر ابن كثير أن رجلاً سأل ابنَ مسعود رضي الله عنه: '' ما الصراطُ المستقيم؟ قال: تَرَكَنَا محمّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في أدناه وطرفه في الجنة، وعن يمينه جوادٌّ([الجوادُّ: جمع جادّة، وهي معظم الطريق، وأصل الكلمة من جدَدَ.[النهايةلابن الأثير])وعن يساره جوادٌّ، ثمّ رجال يدعون من مرَّ بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثمّ قرأ ابن مسعود الآية''(( وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ. ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153).


جواد عبد المحسن
حديث رمضان - 13

2015

إرسال تعليق

0 تعليقات