اكل النار



اكل النار

قوله تعالى : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هنّ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)) (الصحيحين)
اعلم أنه تعالى أكد الوعيد في أكل مال اليتيم ظلما ، وقد كثر الوعيد في هذه الآيات مرة بعد أخرى على من يفعل ذلك ، كقوله : ( ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا ) ، ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا ) ثم ذكر بعدها هذه الآية مفردة في وعيد من يأكل أموالهم ، وذلك كله رحمة من الله تعالى باليتامى ؛ لأنهم لكمال ضعفهم وعجزهم استحقوا من الله مزيد العناية والكرامة ، وما أشد دلالة هذا الوعيد على سعة رحمته وكثرة عفوه وفضله ؛ لأن اليتامى لما بلغوا في الضعف إلى الغاية القصوى بلغت عناية الله بهم إلى الغاية القصوى . وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : دلت هذه الآية على أن مال اليتيم قد يؤكل غير ظلم ، وإلا لم يكن لهذا التخصيص فائدة ، وذلك أن للولي المحتاج أن يأكل من ماله بالمعروف .
المسألة الثانية : قوله : ( إنما يأكلون في بطونهم نارا ) فيه قولان : الأول : أن يجرى ذلك على ظاهره قال السدي : إذا أكل الرجل مال اليتيم ظلما يبعث يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومسامعه وأذنيه [ ص: 163 ] وعينيه ، يعرف كل من رآه أنه أكل مال اليتيم . وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليلة أسري بي رأيت قوما لهم مشافر كمشافر الإبل وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخرا من النار يخرج من أسافلهم ، فقلت يا جبريل من هؤلاء : فقال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال( يبعثُ الله عز وجل قوماً من قُبورهم تَخرج النار من بطونهم تُأجج أفواههم ناراً فقيل من هم يا رسول الله قال ألم تر أن الله تعالى يقول إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم ناراً ).
كثر في القرآن هذا المجاز المسمى بالمجاز المرسل المبني على علاقة المسببية بصورة أوسع من غيرها، كما في قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} (غافر: 13) قد عبر عن المطر بالرزق، فأشار إلى قوة السببية بين المطر والرزق، وأهمية المطر وأنه مصدر الحياة، وفيه أن الرزق ينزل بقدر الله وفعله سبحانه، فليمضِ المسلم إذن على طريقة الخير التي رسمها له القرآن، وهو موقن أن الرزق مصدره السماء، فلا تتبدد طاقاته في الإلحاح وراء المطامع، وإنما تتركز هذه الطاقات في العمل الصالح، أعني: الذي تصلح به حياة الجماعة المسلمة.
وتجد القرآن يبرز هذه الناحية في كثير من عباراته كما يحتويها في خفاء ودقة في كثير من صياغاته وأحوال تراكيبه؛ ليعمق هذا المعنى في قلب المسلم ويطرد من أفقه مشاعر الأثرة والأنانية.
ومما يذكره البلاغيون في هذه العلاقة -علاقة المسببية- قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} (النساء: 10) والذين يأكلون أموال اليتامى لا يأكلون نارًا على الحقيقة، وإنما يأكلون أموال اليتامى، ولما كان ذلك مؤديًا إلى النار حتمًا وسببًا في عذابها قطعًا عبر عنه به. وفيه مع إبراز هذه السببية وتقويتها تفظيع وتنفير تراه في هذه الصورة: {يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} فالقوم يقذفون النار في أفواههم، فتندلع في بطونهم، ولو قال سبحانه: إنما يأكلون حرامًا، لكان شيئًا آخرَ، مع أن المآل إليه، كما أنه لو قال: إنما يأكلون نارًا، لذهب من الصورة جزء كبير فيه فظاعة وشناعة؛ لأن كلمة البطون مع أنها مفهومة ضرورة من كلمة الأكل، إلا أن في النص عليها مزيد تشخيص وتوضيح. وتجد في كلمة: {إِنَّمَا} ذات الدلالة المعروفة همسًا خافتًا، يقول: إن هذه قضية مسلَّمة وبديهة ظاهرة، لا ينبغي أن يحتفل في عرضها، ولا أن تؤكد في سياقها.
لاشك أن الميراث حق شرعه الله على عباده ، لأنه سبحانه يعلم أن الناس يموتون ويتركون الأموال بأنواعها ، فاذا تركت دون توزيع وتقسيم ، لحدث التشاجر والتخاصم .ومع ذلك نجد بعض الناس يحرمون بعض أولادهم ، أومن له حق الميراث بحرمانه منه ، ولو بالقوة دون وجه حق .
والعجيب فى ذلك أن هناك من يقول : أن المرأة ليس لها ميراث .فقد أوصى الله عز وجل وصية وهى توزيع الميراث بين الوارثين بما شرعه فى كتابه ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ولكن نجد من يخالف هذا التقسيم فيقسم فى حياته مثلا ، أو نجد من يحرم البنت أو يحرم الصغير ، أو ولد الحمل ، الى غير ذلك .
والقول الثاني : إن ذلك توسع ، والمراد : إن أكل مال اليتيم جار مجرى أكل النار من حيث إنه يفضي إليه ويستلزمه ، وقد يطلق اسم أحد المتلازمين على الآخر ، كقوله تعالى : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) [ الشورى : 40 ] قال القاضي : وهذا أولى من الأول ؛ لأن قوله : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا ) الإشارة فيه إلى كل واحد ، فكان حمله على التوسع الذي ذكرناه أولى .
المسألة الثالثة : لقائل أن يقول : الأكل لا يكون إلا في البطن فما فائدة قوله : ( إنما يأكلون في بطونهم نارا ) .
وجوابه : أنه كقوله : ( يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ) [ آل عمران : 67 ] والقول لا يكون إلا بالفم ، وقال : ( ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [ الحج : 46 ] والقلب لا يكون إلا في الصدر ، وقال : ( ولا طائر يطير بجناحيه ) [ الأنعام : 38 ] والطيران لا يكون إلا بالجناح ، والغرض من كل ذلك التأكيد والمبالغة .
المسألة الرابعة : أنه تعالى وإن ذكر الأكل إلا أن المراد منه كل أنواع الإتلافات ، فإن ضرر اليتيم لا يختلف بأن يكون إتلاف ماله بالأكل ، أو بطريق آخر ، وإنما ذكر الأكل وأراد به كل التصرفات المتلفة لوجوه :
أحدها : أن عامة مال اليتيم في ذلك الوقت هو الأنعام التي يأكل لحومها ويشرب ألبانها . فخرج الكلام على عادتهم .
وثانيها : أنه جرت العادة فيمن أنفق ماله في وجوه مراداته خيرا كانت أو شرا ، أنه يقال : إنه أكل ماله .
وثالثها : أن الأكل هو المعظم فيما يبتغى من التصرفات كان تقول اكل حقي او اكل ارضي او اكل زرعي وغيره.
بقيت في الموضوع حتى تتم الفائدة مسالة وهي ان من ياكل مال الامة كمن ياكل مال اليتيم وقد قرات موضوعا احب ان اعرضه عليكم يقول صاحبه فيه(من يأكلون أموال الشعب كحال اليتيم الذين يأكلون أموال اليتامى بأنهم كمن يأكل نارا في بطنه ويصلى السعير، واليتيم عندنا هو فاقد الأب الذي لايجد حاميا لماله الذي تركه له أبوه فيتسلط عليه قريب، أو بعيد لسبب ما، ويستولي عليه ويحرمه منه غصبا، أو بالحلية والخديعة.
إن الأمم والشعوب يمكن أن تكون كحال اليتيم يأكل ماله سياسي فاسد أو مرتش أومسؤول رفيع يتسلط فيسرح ويمرح ويخدع ويلعب بالطريقة التي يريد كما هو الحال مع الشعوب العربية التي حولت لمجرد مجموعات بشرية مستعبدة لاحول لها ولا قوة ولا قدرة على الإعتراض والرفض، وما عليها سوى أن تستسلم وتطيع وتفوض أمرها الى الله الذي يتوعد آكلي السحت والمسيطرين على أموالها وممتلكاتها بأنهم في السعير وأنهم إنما يأكلون النار يوم القيامة.
الشعوب كاليتيم في بلداننا العربية والمسؤولين الفاسدين إنما هم كذاك الذي يستولي على مال اليتم بالغصب والإكراه والخديعة ويتركه نهبا للحرمان
فالشعوب العربية تعيش حال الحرمان بطريقة مذلة، ولاتستطيع أن تواجه وتمنع المفسدين من مواصلة فسادهم ونهبهم، فلا حول ولاقوة إلا بالله الذي يمهل ولايهمل، وهو المنتقم الجبار، وقد فعل ذلك مرات ومرات حين قلب الأمور على الحكام والسياسيين المتجبرين وجعلهم سخرية للناس وأخزاهم في الدنيا والآخرة،
ولسنا بحاجة لتعداد الأمثلة فهي كثيرة في عالمنا العربي وتكاد لاتنتهي…. الشعوب العربية المسكين الذي سلط عليه حفنة من المرتزقة اللصوص الذين كانوا يسرحون ويمرحون بحجة الدفاع عن حقوق الشعب في مواجهة نظام دكتاتوري بغيض في حقيقتهم كانوا مجرد أشخاص معارضين، لكنهم باحثين عن مصالحهم الشخصية، وحين سيطروا على الحكم تركوا كل تلك البرامج والآليات والخطط وإنشغلوا بترتيب أمورهم ونهب المال العام وتخزين الأموال وجمعها وتحويلها الى الخارج والإستسمتاع بها مع أسرهم المترفة، وتركوا الشعب الى الضياع، ودمروا البنى التحتية، وعطلوا زخم الحياة، وظهروا كأشخاص متواطئين لاذمة لهم، ولا ضمير، ولا شرف، ولا دين، ولا أخلاق، ولا مبادئ. الشعب العربي شعب يتيم عاجز والذين يأكلون أمواله إنما يأكلون في بطونهم نارا، وسيصلون سعيرا.جمال ايوب
اننا ايتام على موائد لئام وسنبقى كذلك ما لم يكم لنا راس وامام والثروات المنهوبة هي مالنا يتصرف فيه المغتصب ولا يحفل باهل هذا المال ,وان تجرأاحد ورفع صوته فليس له الا السجن ان لم يقبل بلقمة او حفنة لاسكات فمه.

حديث رمضان 16
جواد عبد المحسن


إرسال تعليق

0 تعليقات