من حمل علينا السلاح




من حمل علينا السلاح

قوله ( من حمل علينا السلاح ) في حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم : من سل علينا السيف . ومعنى الحديث حمل السلاح على المسلمين لقتالهم به بغير حق لما في ذلك من تخويفهم وإدخال الرعب عليهم ، وكأنه كنى بالحمل عن المقاتلة أو القتل للملازمة الغالبة . قال ابن دقيق العيد : يحتمل أن يراد بالحمل ما يضاد الوضع ويكون كناية عن القتال به ، ويحتمل أن يراد بالحمل حمله لإرادة القتال به لقرينة قوله : علينا " ويحتمل أن يكون المراد حمله للضرب به ، وعلى كل حال ففيه دلالة على تحريم قتال المسلمين والتشديد فيه .
(من حمل علينا) ويفهم من علينا انها للجمع وليس للفردية ولو كانت للفردية لكان السياق من حمل على اخيه وليس علينا .فكنا المقصود من الخطاب هم جماعة المسلمين المحلاة بال التعريف وليس حماعة من المسلمين.
وعند أحمد من حديث أبي هريرة بلفظ : من رمانا بالنبل فليس منا . وهو ايضا يتعلق بجماعة المسلمين كجماعة وليس كافراد, وقوله ( فليس منا ) أي ليس على طريقتنا ، أو ليس متبعا لطريقتنا ؛ لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه لا أن يرعبه بحمل السلاح عليه لإرادة قتاله أو قتله ونظيره  )من غشنا فليس منا(. فانك تعي معي ان المستهدف هم جماعة المسلمين ويمكن ان نفهم الدلالة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه في "صحيح مسلم" عن عرفجة بن شريح الأشجعي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنها ستكون هناتٌ وهناتٌ، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان)). وحمل السلاح على المسلمين لا يكون الا لقتالهم ولتفريق كلمتهم  ولا توجد شبهة حسن النية في حق من حمل السلاح على المسلمين .
ان الآثار المرفوعة في هذا الباب كلها تدل على أنَّ مفارقة الجماعة، وشق عصا المسلمين، والخلاف على السلطان المُجتَمَع عليه؛ يريق الدم ويبيحه، ويوجب قتال من فعل ذلك.
فإن قيل: قد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله؛ فإذا قالوها فقد عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله)). فمن قال: لا إله إلا الله، حُرم دمه؟ قيل لقائل ذلك: لو تدبرت قوله في هذا الحديث: ((إلا بحقها)) لعلمتَ أنه خلاف ما ظننت.
ألا ترى أن أبا بكر الصديق قد رد على عمر ما نزع به من هذا الحديث، وقال: ((من حقها: الزكاة))، ففهم عمر ذلك من قوله وانصرف إليه، وأجمع الصحابة عليه، فقاتلوا مانعي الزكاة كما قاتلوا أهل الردة، وسماهم بعضهم أهل ردة على الاتساع؛ لأنهم ارتدوا عن أداة الزكاة.ومعلوم مشهور عنهم أنهم قالوا: ما تركنا ديننا، ولكن شححنا على أموالنا.
فكما جاز قتالهم عند جميع الصحابة على منعهم الزكاة، وكان ذلك عندهم في معنى قوله عليه السلام: ((إلا بحقها)). فكذلك مَن شق عصا المسلمين وخالف إمام جماعتهم وفرق كلمتهم. لأن الفرض الواجب: اجتماع كلمة أهل دين الله المسلمين على من خالف دينهم من الكافرين، حتى تكون كلمتهم واحدة وجماعتهم غير مفترقة.
(من حمل علينا السلاح فليس منا) والواقع الذي نعيشه اوضح شارح لهذا الحديث فلم يبق احد في هذه الدنيا الا وحمل السلاح علينا سواء من العلمانيين او الادينيين او الاشتراكيين او البوذيين او غيرهم من اصحاب الدعوات لامر واحد ووحيد وهو الا تقوم للمسلمين قائمة.
ان تعظيم الزجر في قوله (ليس منا) هي في حق الجاهل والاحمق الذي لا يدرك مدى الامر وخطورته ,وهذا في حق من لا يستحل ذلك ، فأما من يستحله فإنه يكفر باستحلال المحرم بشرطه لا مجرد حمل السلاح ، والأولى عند كثير من السلف إطلاق لفظ الخبر من غير تعرض لتأويله ليكون أبلغ في الزجر ، وكان سفيان بن عيينة ينكر على من يصرفه عن ظاهره فيقول : معناه ليس على طريقتنا ، ويرى أن الإمساك عن تأويله أولى لما ذكرناه ، والوعيد المذكور لا يتناول من قاتل البغاة من أهل الحق فيحمل على البغاة وعلى من بدأ بالقتال ظالما .

جواد عبد المحسن
كتاب حديث رمضان 17


إرسال تعليق

0 تعليقات