الغلام والملك



الغلام والملك

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال "كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحرٌ فلما كبر قال للملك إني قد كبرت فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر فبعث إليه غلاماً يعلمه وكان في طريقه إذا سلك راهبٌ فقعد إليه وسمع كلامه فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الراهب فبينما هو كذلك إذا أتى على دابة ٍ عظيمة قد حبست الناس فقال اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل فأخذ حجراً فقال اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وإن ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس سائر الأدواء فسمع جليسٌ للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال ما ها هنا لك إن أنت شفيتني قال إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك من رد عليك بصرك قال ربي قال ولك ربٌّ غيري قال ربي وربك الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجيء بالغلام فقال له الملك أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل قال فقال إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمئشار فوضع المئشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى فوضع المئشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفرٍ من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال اللهم أكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك فقال كفانيهم الله فدفعه إلى نفرٍ من أصحابه فقال اذهبوا به فاحملوه في قرقور وتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللهم أكفينهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك قال كفانيهم الله فقال للملك إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال ما هو قال تجمع الناس في صعيدٍ واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل باسم الله رب الغلام ثم ارم فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على الجذع ثم أخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال باسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه فمات فقال الناس آمناً برب الغلام, فأتي الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس, فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت وأضرم فيها النيران وقال من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبيٌّ لها فتقاعست فقال لها الغلام يا أماه اصبري فإنك على الحق" الجمع بين الصحيحين .     
ان المحور الرئيسي لسورة البروج يتركز حول قضية العقيدة الإسلامية‏,‏ شأنها في ذلك شأن كل السور المكية‏,‏ وقصة أصحاب الأخدود نموذج متكرر لتجبر أهل الباطل علي أهل الحق‏,‏ ولثبات أهل الحق أمام فتن أهل الباطل انطلاقا من اليقين بأن الله العزيز الحميد قد أقسم بعظيم قدرته  بالدفاع عن عباده المؤمنين‏ (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُور)ٍ 38الحج,‏ وهذا القسم المطلق يشمل الزمان والمكان إلي قيام الساعة‏.‏
وتبدأ السورة الكريمة بقول ربنا ـ تبارك وتعالي (ـوَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9))
يقول د‏.‏ زغلـول النجـار" والقسم بالسماء تنبيه لنا إلي دقة بنائها‏,‏ واتساع أبعادها‏,‏ وإحكام حركات أجرامها‏,‏ وانضباط كل أمر من أمورها‏;‏ ووصفها بذات البروج تأكيد علي كل ذلك لأن البروج هي التجمعات النجمية الإثنا عشر التي تحيط بالكرة السماوية كحزام لها عند دائرة البروج‏,‏ وهي الدائرة الكبري التي يقع فيها مستوى مدار الأرض حول الشمس الذي يعرف باسم المستوي البروجي ويعرف بأنه المستوي الذي يشمل الخط الواصل بين كل من مركز الشمس ومركز ثقل نظام الأرض والقمر‏,‏ واتجاه دوران مركز ثقل هذا النظام حول الشمس‏ وهو يقع في نقطة تقدر بنحو‏4700‏ كم بعيدا عن مركز الأرض أي علي عمق يقدر بنحو‏1700‏ كم تحت مستوي سطح الأرض‏.
والإحداثيات البروجية في الأرصاد الفلكية تنسب كلها إلي مركز الأرض من قبيل التقريب‏ وتتأرجح هذه الإحداثيات بدورة يقدر طولها بنحو الشهر حول مستوي البروج‏,‏ وذلك باختلاف طفيف بسبب دوران كل من الأرض والقمر حول مركز ثقلهما المشترك‏‏ ولهذا السبب فإن مدار الشمس الظاهري طوال السنة علي الكرة السماوية ينطبق علي دائرة البروج‏,‏ ووقوع الشمس الظاهري في كل برج من بروج السماء يحدد شهور السنة الإثني عشر‏,‏ كما يحدد طول السنة ذاتها ويشغل كل برج من هذه البروج نحو‏(30‏ درجة‏)‏ من دائرة السماء‏(‏ المقدرة بـ‏360‏ درجة‏),‏ وإتمام حركة الشمس الظاهرية فيها يحدد السنة الشمسية لأهل الأرض‏.‏ وهذه البروج الإثنا عشر تسمي مجازا بأسماء منها‏:‏ الحمل‏,‏ الثور‏,‏ التوءمان‏,‏ السرطان‏,‏ الأسد‏,‏ العذراء‏,‏ الميزان‏,‏ العقرب‏,‏ القوس‏,‏ الجدي‏,‏ الدلو‏,‏ والحوت‏.‏
ويأتي بعد القسم بالسماء ذات البروج‏,‏ قسم ثان يقول فيه ربنا تبارك وتعالي واليوم الموعود وهو يوم القيامة الذي يتم فيه تدمير الكون وإعادة خلقه‏,‏ ثم بعث الأموات وحشرهم‏,‏ وعرضهم الأكبر أمام خالقهم للحساب والجزاء‏,‏ وهو اليوم الذي وعد الله ـ تعالي ـ به عباده‏,‏ وحذرهم من أهواله‏.‏
ثم يأتي القسم الثالث الذي يقول فيه الحق ـ تبارك وتعالي وشاهد ومشهود والشاهد من الشهادة بمعني الحضور أو الشهادة علي الغير‏,‏ والمشهود هو الحاضر أو من يشهد عليه‏ فعن يونس قال سمعت عمارا مولى بنى هاشم يحدث  انه قال في هذه الآية { وشاهد ومشهود } قال الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة والموعود يوم القيامة"تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم,‏ وعن يزيد النحوي عن عكرمة عن بن عباس : في قوله وشاهد ومشهود قال الشاهد محمد صلى الله عليه و سلم والمشهود يوم القيامة وذلك قوله { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }النساء 41.
ويأتي جواب هذا القسم المثلث بقول ربنا ـ تبارك وتعالى‏:‏ قتل أصحاب الأخدود أي‏:‏ لقد لعنوا أشد اللعن‏,‏ وطردوا من رحمة الله شر الطرد‏‏ وأصحاب الأخدود هم قوم من مشركي اليمن الذين نقموا علي إيمان المؤمنين‏,‏ وتوحيد الموحدين من بينهم‏,‏ فقاموا تحت التهديد بإحراقهم في النيران التي سعروها في الأخدود الذي حفروه,  فلما رفض عباد الله المؤمنون هذا التهديد قام أصحاب الأخدود بإلقاء الرافضين للشرك بالله في سعير نيران هذا الأخدود ظلما وتجبرا,‏ وهؤلاء المشركون المتجبرون جلوس حول ذلك الأخدود الممتلئ بالنيران المشتعلة وهم يتشفون ويستمتعون بإلقاء المؤمنين في جمرة النيران حتي يتم إحراقهم أحياء فيها‏,‏ وهم من غلظة قلوبهم‏,‏ وشدة إجرامهم يتهللون ويضحكون كلما ألقي في النار أحد من المؤمنين وما كرهوا منهم إلا توحيدهم لله تعالي (إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)
ثم تنتقل الآيات إلي تقرير عدد من الأحكام الإلهية المستمدة من هذه الواقعة المفزعة‏,‏ و التي هي في الوقت نفسه أحكام مطلقة تؤكد لكل ذي بصيرة أن الدنيا الغابرة هي رحلة قصيرة إلي الآخرة الأبدية الباقية‏,‏ ولا يمكن لعاقل أن يضحي بآخرته من أجل دنياه‏,‏ وفي ذلك تطمين للمؤمنين الذين حرقوا في أخدود مشركي أصحاب الأخدود‏,‏ وتهديد للذين قاموا بهذه الجريمة البشعة‏,‏ وفيه تطمين لكل مسلم ومسلمة يتعرض أو تتعرض لفتن المشركين في كل مكان وفي كل حين‏,‏ بأن مصيرهم الخلود في جنات النعيم‏,‏ وفيه ـ في الوقت نفسه ـ تحذير‏(‏ للذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا‏)‏ من مغبة أعمالهم التي قد تخلدهم في نار جهنم إلي أبد الآبدين‏.
       (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) البروج‏
تؤكد الآيات أن الذين ابتلوا المؤمنين والمؤمنات في دينهم بالإيذاء والتعذيب الشديدين ـ كما فعل أصحاب الأخدود مع موحدي زمانهم‏,‏ وكما يفعل المشركون المتجبرون علي الخلق في كل زمان ومكان ـ ثم لم يتوبوا عن جرائمهم ويكفروا عن ذنوبهم تلك‏;‏ فإن الله ـ تعالي ـ يتهددهم بعذاب جهنم وحريقها كما عذبوا عباده الموحدين بنيران الدنيا‏.‏ وشتان بين نار الدنيا الآنية الضعيفة‏,‏ وهي للحظات ثم تنتهي‏,‏ ونار الآخرة التي لا تبقي ولا تذر‏,‏ وتظل كذلك لآماد لا يحددها إلا خالق الوجود ومدبر أمره‏.‏ و‏(‏الفتنة‏)‏ من‏(‏ الفتن‏)‏ وأصله إدخال خام الذهب في النار لصهره وتخليصه من شوائبه‏,‏ ثم استعمل في التعبير عن الاختبار والابتلاء بالمحن والشدائد‏,‏ وبالمنح واللطائف التي تظهر معدن الإنسان‏,‏ وحقيقة باطنه‏,‏ وإن كانت‏(‏ الفتنة‏)‏ غالبا ما تستخدم في الابتلاء بالشدائد والمحن التي تظهر للعبد حقيقة ذاته من انطواء علي الخير‏,‏ أو انطواء علي الشر‏,‏ وذلك ليقيم الله الحجة علي كل عبد بأعماله ‏.‏
وفي الوقت الذي تتهدد الآيات جبابرة الكفار والمشركين بعذاب جهنم الشديد‏,‏ فإنها تبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات بجنات تجري من تحتها الأنهار‏,‏ وتصف ذلك بأنه هو الفوز الكبير‏,‏ أي‏:‏ الذي لا يدانيه فوز آخر‏,‏ لأن مجرد النجاة من النار فوز‏,‏ فيصبح الفوز بالجنة هو قمة الفوز الذي لا يدانيه فوز آخر‏.‏
وتنتقل الآيات بعد ذلك بالخطاب إلي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ مؤكدة أن الله ـ تعالي ـ يبطش بالجبابرة والظلمة من عباده بطشا شديدا‏,‏ و‏(‏البطش‏)‏ هو الأخذ بالقوة التي لا تقاوم‏,‏ وبالشدة التي لا تحتمل‏,‏ وفي ذلك تحذير للغلاة الظالمين المتجبرين علي الخلق من الاستمرار في ظلمهم وتجبرهم لأن عاقبة ذلك وخيمة‏.‏
وفي ذلك أيضا تطمين للذين ظلموا بأن حقوقهم لن تضيع عند رب العالمين‏,‏ وهو ـ تعالي ـ الذي يبدأ الخلق ثم يعيده‏,‏ وهو الغفور الودود‏,‏ أي كثير المغفرة لكل من تاب إليه من عباده بصدق ـ مهما عظم الذنب‏,‏ وكبرت المعصية ـ‏,‏ وهو ـ تعالي ـ كثير الود لكل من آمن بجلاله‏,‏ وأطاع أوامره‏,‏ واجتنب نواهيه ما استطاع إلي ذلك سبيلا‏,‏ وكان مستخلفا ناجحا في الأرض‏.‏
ووصف الله ـ سبحانه وتعالي ـ ذاته العليا بوصف‏(‏ ذو العرش المجيد‏*‏ فعال لما يريد‏*)‏ تأكيد علي جميع المعاني السابقة في سورة البروج لأنه ـ تعالي ـ هو خالق العرش ومالكه‏,‏ وهو ـ سبحانه ـ العظيم في ذاته وصفاته‏,‏ وأسمائه‏,‏ وأفعاله‏,‏ وفي كل ما ينسب إلي جلاله‏;‏ وهو المهيمن علي جميع خلقه‏,‏ والمتفضل عليهم جميعا من جوده‏,‏ وفضله‏,‏ وكرمه‏,‏ ورحمته‏,‏ والذي لا يتخلف شيء عن إرادته‏.‏
وتختتم سورة البروج بخطاب موجه من الله ـ تعالي ـ إلي خاتم أنبيائه ورسله ـ صلي الله عليه وسلم ـ يذكره بأمتين من الأمم التي كفرت بأنعم ربها فأهلكهما الله وهما كل من أمة فرعون‏,‏ وقبيلة ثمود‏,‏ حتي يكون في ذلك إنذار لكفار ومشركي قريش‏,‏ ولكل كافر ومشرك من بعدهم‏,‏ وفي ذلك يقول الله نعالى (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22) البروج‏:17‏ ـ‏22).‏
و وصف ربنا ـ تبارك وتعالي ـ وحيه الخاتم بهذا الوصف الرائع‏:‏ (بل هو قرآن مجيد‏*‏ في لوح محفوظ) هو تأكيد علي شرف القرآن الكريم لأنه كلام رب العالمين‏,‏ وعلي صدق كل ما جاء فيه من ركائز الدين‏,‏ وأخبار الأمم السابقة‏,‏ وعلي أنه محفوظ بحفظ الله ـ تعالي ـ في الأرض وفي الملأ الأعلي‏.‏ وعلي الرغم من ذلك كله فإن كفار ومشركي قريش قد كذبوا به‏,‏ كما كذب ويكذب به كثير من الكفار والمشركين عبر التاريخ إلي اليوم‏,‏ وسوف يظلون كذلك حتي قيام الساعة‏,‏ وحينئذ يدركون الحقيقة ساعة لا يجدي الإدراك‏,‏ ويندمون ساعة لا يجدي الندم‏,‏ والقرآن باق والتحدي قائم ‏ومحفوظ بحفظ الله‏,‏ لا يزول ولا يحول.‏

 جواد عبد المحسن
حديث رمضان 17

إرسال تعليق

0 تعليقات