مقولة أم قاعدة فقهية؟




مقولة أم قاعدة فقهية؟


إنما ننفي عنها وصف الـ(قاعدة)، ونصفها بأنها (مقولة) لأن القاعدة وصف يتسم بالضبط ويكون كالتعريف جامعا مانعا، بينما هذه (القاعدة) - إن صح ان نسميها قاعدة -، حمالة اوجه، لذا فمن حقنا أن نشكك في كونها قاعدة بل أن تكون ملزمة،فتشيع في الأدبيات الدينية المتداولة مقولات، يرفعها بعضهم إلى مصاف القواعد الشرعية المحكمة، إلا أنها تواجه بانتقادات شديدة وقاسية، لأنها لا تستند إلى أدلة شرعية صحيحة، ولا تعدو أن تكون مقولات رفعتها الممارسة الدينية في بعض الأوساط إلى مصاف الأصول الشرعية وهي ليست كذلك بحسب منتقديها.

"لا يفتي قاعد لمجاهد" إحدى تلك المقولات الشائعة والمتداولة، والتي غالبا ما تستدعيها الحركات الجهادية وأنصارها لمواجهة ما يقال في انتقاد أفكار تلك الحركات ومعارضة مواقفها وسياساتها، وبعبارة أدق لإسكاتهم ومنعهم من الخوض في تقييم أداء تلك الحركات، وبيان الرأي الشرعي في ممارساتها السياسية المقلقة.

وبعد الجدل الذي أثارته المصالحة بين السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله، وحركة حماس في غزة، والتي أفضت إلى جملة من التفاهمات بين الجانبين برعاية مصرية، تم استدعاء مقولة "لا يفتي قاعد لمجاهد" بكثرة من أنصار حماس على مواقع التواصل الاجتماعي، في دفاعهم عما أقدمت عليه الحركة باعتبارها الأقدر على تقدير المواقف واتخاذ القرارات المناسبة.

قول الله تعالى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} .

فهذه الآية نص صريح على أن المجاهدين الخارجين للجهاد عليهم أن يرجعوا للقاعدين للتفقه لمعرفة شؤون دينهم ,  وما يتعلق في احوال الجهاد فالفئة المتفقهة واجبها (وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ) ولعله بالمثال يتضح المقال :في قصة الرجل الذي شج رأسه أفتوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا في المعركة بأن يغتسل وأنهم لا يجدون له رخصة في التيمم بينما افتى بعد ذلك رسول الله وهو البعيد عن المعركة بأن قال قتلوه قاتلهم ( قتلهم ) الله فمن الذي ادرى رسول الله الذي كان بعيدا عن المعركة ام هم الذين عاصروا الحدث وممن يجب أن تؤخذ الفتوى ؟ .

إرسال تعليق

0 تعليقات