الاستعانة

الاستعانة

العَوْنُ هو الظَّهير على الأَمر الواحد والاثنان والجمع والمؤنث فيه سواء، وقد حكي في تكسيره أَعْوان والعرب تقول إذا جاءَتْ السَّنة جاء معها أَعْوانها يَعْنون بالسنة الجَدْبَ وبالأَعوان الجراد والذِّئاب والأَمراض، وتعاوَنوا عليَّ أَعان بعضهم بعضا، ورجل مِعْوانٌ كثير المَعُونة للناس، واسْتَعَنْتُ بفلان فأَعانَني وعاونَني، وفي الدعاء رَبِّ أَعنِّي ولا تُعِنْ عَليَّ، والنحويون يسمون الباء حرف الاستعانة وذلك أَنك إذا قلت ضربت بالسيف وكتبت بالقلم وبَرَيْتُ بالمُدْيَة فكأَنك قلت استعنت بهذه الأَدوات على هذه الأَفعال، وقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} المائدة  2 كالعفو والإغضاء ومتابعة الأمر ومُجانَبة الهوى. وقال ابن جزيّ: وصية عامّة، والفرق بين البرّ والتقوى؛ أن البرّ عامّ في الواجبات والمندوبات، فالبرّ أعمّ من التقوى. {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} كالتشفّي والانتقام. قال ابن جُزَيّ: الإثم : كل ذنب بين الله وعبده ، والعدوان: على الناس.
وقال الأخفش في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}: هو مقطوع من أول الكلام ، وهو أمر لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى؛ أي ليعن بعضكم بعضا، وتحاثوا على ما أمر الله تعالى وأعملوا به، وانتهوا عما نهى الله عنه وامتنعوا منه؛ وهذا موافق لما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أوزارهم شَيْئًا) رواه مسلم.
ان البر والتقوى لفظان بمعنى واحد، وكرر باختلاف اللفظ تأكيدا ومبالغة، إذ كل بر تقوى وكل تقوى بر. قال ابن عطية: وفي هذا تسامح ما، والعرف في دلالة هذين اللفظين أن البر يتناول الواجب والمندوب إليه، والتقوى رعاية الواجب، فإن جعل أحدهما بدل الآخر فبتجوز. وقال الماوردي: ندب الله سبحانه إلى التعاون بالبر وقرنه بالتقوى له؛ لأن في التقوى رضا الله تعالى، وفي البر رضا الناس، ومن جمع بين رضا الله تعالى ورضا الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته. وقال ابن خويز منداد في أحكامه: والتعاون على البر والتقوى يكون بوجوه ؛ فواجب على العالم أن يعين الناس بعلمه فيعلمهم ، ويعينهم الغني بماله ، والشجاع بشجاعته في سبيل الله ، وأن يكون المسلمون متظاهرين كاليد الواحدة "المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم". ويجب الإعراض عن المتعدي وترك النصرة له ورده عما هو عليه. ثم نهى فقال: { وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ } وهو الحكم اللاحق عن الجرائم ، وعن { َالْعُدْوَانِ } وهو ظلم الناس. ثم أمر بالتقوى وتوعد توعدا مجملا فقال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
ان مسائل الحياة أكثر من أن تستوعبها موهبة واحدة. فأنت حين تبني بيتاً تحتاج إلى من يحفر الأساس ويبني الجدران ومن يصنع الطوب ومن يصنع الأسمنت ومن يصنع الحديد، ولا يستطيع إنسان واحد أن يتعلم كل هذه الحرف ليبني بيتاً. لكن التعاون خصص لكل إنسان عملا يقوم به، فهناك متخصص في كل جزئية يحتاج إليها الإنسان في حياكة الملابس والطب والصيدلة وغيرها من أوجه احتياجات الحياة، والحق يأمر: « وتعاونوا » ليسير دولاب الحياة ويستفيد الإنسان من كل المواهب لقاء إخلاصه في أداء عمله ، و « تعاونوا » هي أن تأتي بشيء فيه تفاعل ما ، ومعنى الشيء الذي فيه تفاعل أنه يوجد « مُعين » و « مُعان ».
ولكن المعين لا يظل دائماً معينا ، بل سينقلب في يوم ما إلى أن يكون مُعانا ، والمعان لا يظل مُعانا ، بل سيأتي وقت يصير فيه مُعينا ، وهذا هو التفاعل الذي تحتاج إليه أقضية الحياة التي شاءها الله للإنسان الخليفة في الأرض والمطالب أن يعبد الله الذي لا شريك له ، وأن يعمر هذه الأرض . ولا تتأتى عمارة الأرض إلا بالحركة فيها ، والحركة في الأرض أوسع من أن تتحملها الطاقة لفرد واحد ، بل لا بد أن تتكاتف الطاقات كلها لإنشاء هذه العمارة.
إننا حين نبني عمارة واحدة نستخدم أجهزة كثيرة لطاقات كثيرة بداية من المهندس الذي يرفع مساحة القطعة من الأرض ويرسمها، وإن شاء الترقي في صنعته يصنع نموذجا مجسدا لما يرغب في بنائه، وبعد ذلك يأتي الحافر ليحفر في الأرض ثم من يضع الأساس ، ومن يضع الحديد . ومن يصنع « الخرسانة » المسلحة . ثم يأتي من يرفع البناء ، ومن يقوم بالأعمال الصحية من توصيلات للمياه والمجاري ، ثم يأتي من يصمم التوصيلات الكهربائية ، وهكذا تتعاون طاقات كثيرة لبناء واحد ، ولا تتحمله طاقة إنسان واحد.
إذن فالتعاون أمر ضروري للاستخلاف في الحياة . وما دام الإستخلاف في الحياة بقتضي من الإنسان عمارة هذه الحياة ، وعمارة الحياة تقتضي ألا نفسد الشيء الصالح بل نزيده صلاحا ، وحين يقول الحق : {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البر والتقوى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإثم والعدوان} أي انه يريد كوناً عامراً لا كوناً خرباً. والشيء الصالح في ذاته يبقيه على صلاحه. إذن فعمارة الحياة تتطلب منا أن نتعاون على الخير لا على الإثم.
وقول الحق تبارك وتعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البر والتقوى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإثم والعدوان} هو أمر لكل جماعة أن تتعاون على الخير ، وهذه مناسبة لأقول لكل جماعة :تعاونوا معاً بشرط ألا تجعلوا لجمعياتكم نشاطاً يُنسب إلى غير دينكم مثال ذلك الجمعيات المسماة ب « الروتاري » أو « الماسونية » ويقال : إن نشاطها خيري . ولكن لماذا تقلدون فيها الغرب؟ لماذا لا تصنعون الخير باسم دينكم فيعرف العالم أن هذا خير قادم من بلاد مسلمة. والخير كل الخير ألا نأخذ هذه الأسماء الأجنبية ونطلقها على مؤسساتنا حتى لا يظنن ظان أن الخير يصنعه غيرنا . وإن كان للواحد منا طاقة على العمل الخيري؛ فليعمل من خلال الدين الإسلامي . وليعلم كل إنسان أن الدين طلب منا أن تكون كل حياتنا للخير . وهذا ما يجب أن يستقر في الأذهان حتى لا يأخذ الظن الخاطئ كل من يصيبه خير من هذه المؤسسات بأن الخير قادم من غير دين الإسلام.
إننا مكلفون بنسبة الخير الذي نقوم به إلى ديننا؛ لأن ديننا أمرنا به وحثنا عليه ، وليعلم كل مسلم أنه ليس فقيراً إلى القيم حتى يتسولها من الخارج ، بل في دين الإسلام ما يغنينا جميعاً عن كل هؤلاء . وإذا كنا نفعل الخير ونقدم الخدمة الاجتماعية للناس فلماذا نسميها هذا الاسم وننسبها إلى قوم آخرين ، ولنقرأ جميعاً قول الحق سبحانه وتعالى : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المسلمين } [ فصلت : 33 ].
فعلى الإنسان منا أن يعمل الخير وهو يعلن أن الإسلام يأمره بذلك ، ولا ينسب عمل الخير إلى « الروتاري » أو غير ذلك من الجمعيات . فنسبة الخير من المسلم إلى جمعيات خارجة عن الإسلام حرام على المسلم؛ لأنه تعاون ليس لله ، والحق يقول : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البر والتقوى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإثم والعدوان }، فهو يريد منا أن نبني الخير وأن نمنع الهدم ، وعلى كل منا أن يعرف أنه لا يستطيع وحده أن يقيم كل أبنية الخير . لأن التعاون على الإثم إنما يبدأ من كل من يعين على أمر يخالف أمر الله ، وأوامر الله تنحصر في « افعل » و « لا تفعل » ، ما ليس فيه « افعل » و « لا تفعل » فهو مباح ، إن شئت فعلته وإن شئت لا تفعله . والذي يأمر بتطبيق « افعل » ويحزم الأمر مع « لا تفعل » وينهى عنه ويجرِّم من يفعله هو متعاون على البر والتقوى . ومن يعمل ضد ذلك؛ يتعاون على الإثم والعدوان؛ لأنه ينقل الأفعال من دائرة « افعل » إلى دائرة « لا تفعل » . وينقل النواهي من « لا تفعل » إلى دائرة « افعل »؛ هذا هو التعاون على الإثم.
في قوله تعالى (إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أي لا نستعين إلا إياك على العبادة وغيرها؛ و "الاستعانة" طلب العون؛ والله سبحانه وتعالى يجمع بين العبادة، والاستعانة، أو التوكل في مواطن عدة في القرآن الكريم؛ لأنه لا قيام بالعبادة على الوجه الأكمل إلا بمعونة الله، والتفويض إليه، والتوكل عليه. فإن قال قائل: كيف يقال: إخلاص الاستعانة لله وقد جاء في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2] إثبات المعونة من غير الله عزّ وجلّ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعين الرجل في دابته، فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة". فالجواب: أن الاستعانة نوعان: استعانة تفويض؛ بمعنى أنك تعتمد على الله عزّ وجلّ، وتتبرأ من حولك، وقوتك؛ وهذا خاص بالله عزّ وجلّ؛ واستعانة بمعنى المشاركة فيما تريد أن تقوم به: فهذه جائزة إذا كان المستعان به حياً قادراً على الإعانة؛ لأنه ليس عبادة؛ ولهذا قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2).
فإن قال قائل: وهل الاستعانة بالمخلوق جائزة في جميع الأحوال؟ فالجواب: لا فالاستعانة بالمخلوق إنما تجوز حيث كان المستعان به قادراً عليها؛ وأما إذا لم يكن قادراً فإنه لا يجوز أن تستعين به كما لو استعان بصاحب قبر فهذا حرام؛ بل شرك أكبر؛ لأن صاحب القبر لا يغني عن نفسه شيئاً؛ فكيف يعينه!!! وكما لو استعان بغائب في أمر لا يقدر عليه، مثل أن يعتقد أن الوليّ الذي في شرق الدنيا يعينه على مهمته في بلده: فهذا أيضاً شرك أكبر؛ لأنه لا يقدر أن يعينه وهو هناك.
ورد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علَّم عبد الله بن عباس قال له: ( إذا سَأَلْتَ فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ) يقول الإمام النووي في تفسير هذا الحديث ما خلاصته : إذا طلبت الإعانة على أمر من أمور الدنيا والآخرة ، فاستعن بالله ، ولا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله : كشفاء المرض ، وطلب الرزق والهداية ، فهي مما اختص الله بها وحده ، قال تعالى : {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ}.
وأما الاستعانة بالأحياء الحاضرين فيما يقدرون عليه من مداواة مريض ، أو بناء مسجد ، وغير ذلك فهي جائزة لقوله تعالى : {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
ومن أمثلة الاستعانة الجائزة قول الله في طلب ذي القرنين من القوم: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} وكذلك الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب: فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا، فازجره عنه، ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر وليس الاشاعة او التشهير.
لقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الاستعانة بالكفار ككيان وكدولة، فقد ورد في حديث الضحاك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم احد فاذا كتيبة حسناء قال او خشناء، فقال الرسول : من هؤلاء قال : يهود كذا وكذا، فقال عليه السلام : لا نستعين بالكفار ) وقد اخبر الحافظ ابو عبد الله بسنده عن ابي حميد الساعدي قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اذا خلف ثنية الوداع اذا كتيبة قال :( من هؤلاء ? قالوا : بنو قينقاع رهط عبد الله بن سلام، قال :او تسلموا ? قالوا : لا.فامرهم ان يرجعوا، وقال انا لا نستعين بالمشركين ) فاسلموا. فالرسول صلى الله عليه وسلم رفض الاستعانة بهم، وقال في صيغة العموم (لا نستعين بالكفار ) و (انا لا نستعين بالمشركين ) اي حينما يكونون كيانا او دولة يحاربون مع المسلمين تحت رايتهم ككيان وكدولة لا كأفراد. اما الاستعانة بالافراد من الكفار فجائزة، فالرسول صلى الله عليه وسلم اقر قزمان على الحرب معه في احد وهو كافر، واستعان بأفراد من يهود خيبر في حربه مع خيبر، اما الاستعانة بالكفار كدولة وككيان يقاتلون تحت رايتهم مع المسلمين فانها محرمة وغير جائزة.
واذا كان عقد الاتفاقيات والمعاهدات والاحلاف بين المسلمين والدول الكافرة غير جائز شرعا، فعقد اتفاقيات ومعاهدات الحماية - كالاتفاقيات والمعاهدات التي كانت معقودة بين بريطانيا وبين امراء الخليج، وكالاتفاقية التي كانت معقودة بين امارة شرق الاردن وبين بريطانيا - تكون غير جائزة شرعا من باب اولى لانها اتفاقيات احتلال واستعمار، وفرض وصاية للكفار على المسلمين وبلادهم.
واما الاستعانة غير الجائزة في خضم العمل للتخلص من سيطرة الكافر المستعمر فلا بد ان يكون الصراع معها جميعاً، وأن لا تكون أية مهادنة مع أية دولة من هذه الدول، ولا أية مساعدة من إحداها ولو ضد الأخرى، لأن هذا لا يتأتى، بل هو عمل لتركيز سيطرة الكفر لا لتحرير البلاد من الأعداء. ومن هنا كان لزاماً على الأمة الإسلامية أن تصارع دول الكفر الطامعة في بلاد المسلمين في وقت واحد، دون أية مهادنة، ودون أية استعانة، بل دون أية مغازلة أو استمالة. فالموضوع هو إخراج الدول الكافرة من بلاد الإسلام، وليس هو عداء دولة ما، او الاستعانة بمنافستها ضدها. ولذلك كان من الخطأ والخطر ما قام به زعماء مصر من الاستعانة بأميركا لإخراج إنجلترا وما فعله زعماء بلاد الشام من الاستعانة بإنجلترا لإخراج فرنسا. فالعدو لا يستعان عليه بعدو، والمستعمر لا يستعان عليه بمستعمر آخر، والتفاضل بينهما كالتفاضل بين العمى بالماء الزرقاء أو العمى بالماء السوداء، بل كله عمى ولا تفاضل في العمى.
إنّ الأنظمة الوضعية وعلى رأسها النظام الرأسمالي قد بان عوارها، وانكشفت سخافة ديمقراطيتها، وعجزت عن رعاية شؤون الناس الرعاية الصحيحة الملائمة لفطرتهم، وقد جلبت الحروب الدمارَ الاقتصادي وما عاد يجدي تحالفهم لحل مشاكلهم شيئاً في وجه البطالة او تحلل المجتمع، وإنّ لجوء حكام المسلمين إلى أميركا وغيرها ليسترضوهم، ويستعينوا بهم على حلّ مشكلاتهم الاقتصادية أو غيرها، هم كالمستجير من الرمضاء بالنار. وقد حرّم الإسلام الاستعانة بالدول الكافرة، قال تعالى: (ولن يجعلَ الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً).
اما استعانة المسلم على المسلم بغير المسلم كما حصل في حرب الخليج مثلما قام به ال سعود حكام السعودية العملاء من الاستعانة بأمريكا ضد العراق، وتمكينها من انزال طائراتها وجنودها وقطع اسطولها في الاراضي والمرافىء السعودية لضرب العراق والكويت والمسلمين فيهما هو جريمة منكرة لا تغتفر، وخيانة لله ورسوله ودينه وللمسلمين جميعا، ولا جزاء لذلك الا القضاء على ال سعود وعلى حكمهم وتخليص الاماكن المقدسة من عهرهم ودنسهم وكذلك يجب ان يكون الموقف من جميع الحكام الذين طلبوا مساعدة امريكا، او قدموا لها التسهيلات.
ان وضع المسلمين قضاياهم بيد غيرهم من الكفار ليحلها لهم هو وسيلة لجعل سلطان وسبيل لهؤلاء الكفار على المسلمين، والله سبحانه قد حرم على المسلمين ان يجعلوا للكفار عليهم سلطانا وسبيلا حيث قال : (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) .كما ان الوسيلة الى الحرام محرمة شرعا. وكما لا يجوز للمسلمين ان يضعوا قضاياهم بيد غيرهم من الكفار ليحلوها لهم كذلك لا يجوز لهم ان يستعينوا بهم او ان يستنصروهم ليدافعوا عنهم او ليحموهم، او ليحلوا لهم قضاياهم بواسطة قواتهم العسكرية، لان الاستعانة بالكفار ليحاربوا تحت رايتهم لنصرة المسلمين على الكفار غير جائزة، والاستعانة بهم لنصرة مسلم على مسلم غير جائزة من باب اولى، وهي اشد حرمة، والله سبحانه وتعالى يقول :(لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين) اي لا يجوز للمسلمين ان يتخذوا الكافرين انصارا من دون المؤمنين، فالولي هو النصير. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه احمد والنسائي عن انس ( لا تستضيئوا بنار المشركين). هذا فضلا عن ان الاستعانة بالكافر ليقاتل مع المسلم ضد مسلم اخر هو وسيلة لجعل نفوذ للكافر، وسلطان له على المسلمين وذلك محرم شرعا. ويجب ان يمنع وان لا يسمح به، وان لا يمكن اي حاكم من حكام المسلمين من القيام به، او الاقدام عليه.
وكما لا يجوز ان نضع قضايانا بيد مجلس الامن او هيئة الامم او بيد امريكا او روسيا او بريطانيا او فرنسا، فانه لا يجوز شرعا ان نسمح لمجلس الامن او لهيئة الامم، او لاية دولة من الدول الكافرة بأن تتدخل لحل قضايا المسلمين، ولا بحال من الاحوال، لان تدخلها يعتبر اعتداء على المسلمين، وتدخلا في شؤونهم الخاصة : وكل اعتداء على المسلمين، او تدخل في شؤونهم الخاصة يجب على المسلمين منعه ولو بقوة السلاح.

ان الكفاح السياسي يوجب عدم الاستعانة بالأجنبي أياً كان جنسه، وأياً كان نوع هذه الاستعانة، ويعتبر كل استعانة سياسية بأي أجنبي وكل ترويج له خيانة للأمّة. ويوجب أيضاً العمل لبناء الكيان الداخلي في العالم الإسلامي بناء سليماً، ليكون قوة عالمية لها كيانها المميز، ومجتمعها السامي. وهذه القوة تعمل لأخذ زمام المبادرة من كلا المعسكرين لتحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم وتتولى قيادته. ويوجب الكفاح السياسي أيضاً محاربة الأنظمة والقوانين والشرائع الغربية، وكافة الأوضاع الاستعمارية، كما يوجب رفض جميع المشاريع الغربية، سواء المشاريع الفنية أو المالية على اختلافها، أو المشاريع السياسية على تنوعها. ويوجب أيضاً نبذ الحضارة الغربية مطلقاً، ولا يعني ذلك نبذ الأشكال المدنية، لأنّ المدنية يجب أن تؤخذ إذا كانت ناتجة عن العلم والصناعة، ويوجب أيضاً قلع القيادة الفكرية الأجنبية من جذورها. ويوجب كذلك نبذ الثقافة الأجنبية التي تتناقض مع وجهة النظر الإسلامية. ولا يعني ذلك العلم، لأنّ العلم عالمي، ويجب أن يؤخذ من أي جهة لأنّه من أهم أسباب التقدم المادي في الحياة.

حديث رمضان 15

جواد عبد المحسن

إرسال تعليق

0 تعليقات